الإثنين 06 مايو 2024 الموافق 27 شوال 1445
المشرف العام
محمود المملوك
مستشار التحرير
د. خالد منتصر
المشرف العام
محمود المملوك
مستشار التحرير
د. خالد منتصر

بصمة الدماغ ودورها في عالم الجنايات

السبت 13/أغسطس/2022 - 05:10 م
بصمة الدماغ
بصمة الدماغ


كثيرا ما يمر على مسمعنا ما يسمي ببصمة العين، الوجه، الأصابع، ولكن.. هل سمعت من قبل ببصمة الدماغ؟، بصمة الدماغ تقنية جديدة في عالم الجنايات وأنظمة القياسات الحيوية، تعكس صورة واضحة عن التقدم والتطور الذي توصل اليه العلم.

 

أنظمة القياسات الحيوية وعلاقتها ببصمة الدماغ 

أنظمة القياسات الحيوية ظهرت منذ قديم الأزل، وهي عبارة عن نظم تقوم بدراسة قياسات وحساب جميع خصائص جسم الإنسان، إذ تعتبر طريقة من طرق تحديد الهوية والتعرف على الأشخاص، وهذا ما يفسر استخدامها حديثا في عالم الجريمة والكشف وغيرها.

ومن الجدير بالذكر، أن أنظمة القياسات الحيوية تهتم بالسمات السلوكية للأفراد، التي يمكن أن نستشعر بها وبحركتها، ليس هذا فحسب إنما تمكنك من قراءة ومعرفة تحليل هذه العلامات من خلال أجهزة الكمبيوتر، بالعودة إلى تقنيات التكنولوجيا الحديثة.

تتميز أنظمة القياسات الحيوية، بكونها الأكثر حداثة ودقة في عصرنا الحالي. 

يتم استخدام القياسات الحيوية الشائعة مثل (بصمة الأصبع، والوجه، والعين والحمض النووي)، إلا أن بصمة الدماغ، تعد سباقة في المجال الجنائي والأمني، حيث تقوم فكرة عمل بصمة الدماغ، على قيام هذه التقنية الحديثة بقياس موجات الدماغ، ورد الفعل الناتج عنها، وقياسها، في حين تعرض الفرد للاستجواب بشأن حادثة أو جريمة ما.

لتطبيق الحصول على نتائج وتحليل البصمة فإنه يتم وضع الجاني في غرفة بلا نوافذ، ومن ثم يعرض على الجاني شريط تسجيلي، للموافقة، التي تضم 30 وصلة مرتبطة بأسلاك كهربائية متربطة بالعقل والجسم، التي تتبع نشاط الدفاع، بدورها يتم إرسال البيانات والمعلومات وتحليلها من خلال جهاز (        EEG)، هذه المخرجات يتم تفسيرها واستجابة الفرد للإشارة من خلال رؤيته لسلاح الجريمة، أو الإيحاءات البصرية لشخص يعرفه.

ماهي بصمة الدماغ؟ 

بصمة الدماغ هوي تقنية حديثة يتم فيها استخدام آليات تخطيط كهربائية تابعة للدماغ لتحديد وإظهار المعلومات المخزنة داخل الدماغ، ومقارنتها بأقوال الفرد إن كان ما يتم قوله حقيقة أو يعتليه الكذب والخطأ.

وبعد التدقيق وجد العلماء أن فارويل واكتشافه لهذا العلم الجديد، أن نسبة الدقة فيما يختص بالبصمة هي100% كحد أقصى.

ويمكننا الإشارة، إلى أن المعلومات التي يرغب الفرد بالحصول عليها من الشخص (المشتبه به)، يمكنه الحصول عليها في غضون 100 ثانية فقط، والتي تعتبر كفيلة بجمع البيانات اللازمة، من خلال التقاط النشاط الحسي المتمثلة بحركات العين، وتتناسب الوظائف الإدراكية تناسبا طرديا مع الوقت، إذ كلما زادت الوظائف الإدراكية تعقيدًا كلما طالت المدة الزمنية، ومن هذه الوظائف الإدراكية، الذاكرة واللغة وغيرهما.

بصمة الدماغ ودورها في العالم الجنائي  

يعد العقل هو المصدر المسؤول عن أفعال الإنسان، حيث يقوم بالتخطيط والتنفيذ والتخزين لما يفعله، إذ يتم تخزين أحداث الجريمة مفصلة في داخل عقل الجاني، فتقوم بصمة الدماغ بقراءة هذه الأحداث والإشارات الكهربائية عند رؤية بعض الصور، وإظهار ردة الفعل لذلك، وهذا ما يفسر استخدام قسم الجنايات لبصمة الدماغ، كونها توضح ردة فعل الجاني عند عرض الأحداث عليه والحصول على المعلومات الحقيقية، إما من خلال اعترافه بذلك أو حركات العين، وذلك دون انتهاك لكرامة وحقوق الجاني وفي مدة زمنية قصيرة تغني عن التحقيقات التي تمتد لشهور وفي بعض الأحيان إلى سنوات.

لقد صرح بعض علماء النفس ورجال الشرطة عن دور البصمة في العالم الجنائي، ومدى تأثيرها بعد قيامهم بعدة تجارب من شأنها الوصول إلى مدى دقة بصمة الدماغ في الكشف عن الكذب، ومنهم الدكتور عادل العيد، بأن السعودية كانت لها الأسبقية في هذا التطور النوعي، من خلال استخدام الأجهزة والحاسب الآلي، وكانت هذه الدولة مهتمة بتحصين ودعم مجتمعها بهذه التقنيات الأمنية الحديثة التي تتبع نظام القياسات الحيوية.

نماذج وأمثلة على بصمة الدماغ 

تم استخدام بصمة الدماغ بشكل واسع وكبير في مختلف الدول واختلاف المجالات وخاصة في مجال الجنايات، مواكبين هذا التقدم العلمي النافع في الكشف عن الحقائق.

تختلف بصمة الدماغ عن بصمة الإصبع كونها منفردة ولا يمكن تشابهها مع أي أحد آخر، على اختلاف بصمة الأصبع التي من الممكن أن يتشابه فيها التوائم، وهذا ما قد يسبب تشتيتا في محور القضية الجنائية. 

أمثلة على بصمة الدماغ 

  • تستخدم الهند بصمة الدماغ في عالم الجنايات منذ عام 2003، وقد أعرب قسم الشرطة عن سهولة التعامل بها، حيث توفر عليهم وقتا وجهدا كبيرين في البحث عن حقيقة تهمة أو براءة المشتبه بهم، وقد تم استخدامها في قضية طالبة إدارة الأعمال الهندية، أديتي شارما، حيث قامت بدس السم في طعام خطيبها الذي قرر الانفصال عنها، من خلال وضع مادة الزرنيخ، وعند سؤالها أنكرت فعلتها وقيامها بذلك الأمر، فتم استخدام بصمة الدماغ للكشف عن حقيقة الأمر، إلا أنه تبين معرفتها العميقة بمادة الزرنيخ، وامتلاكها معلومات كافية عنه، بالإضافة الى إدراكها عن كيفية قتل المجني عليه والطريقة بالتفصيل، وبعد ذلك تم الحكم عليها بالسجن لمدة 23 عاما.
  • تيري هارين تون، القاطن في ولاية أيوا الأمريكية، أدين بالقتل، وقد حكم عليه بالسجن المؤبد، قد قضي منها 24 سنة، وقد تم تطبيق البصمة عليه، فقد اكتشفوا أن المعلومات المخزنة في دماغ تون تختلف عن مسرح الجريمة، وأكدت حجة غيابه في ذاك اليوم ولكن في ذاك اليوم تراجع الشاهد الوحيد في البيان الدستوري واعترف بأنه كذب في المحاكمة الأصلية، وقد تمت محاكمته من جديد على أساس انتهاكه حقوق الدستور، وقد وافق القضاة باستخدام بصمة الدماغ كمعيار لتصديق أقوال المشتبهين.
  • يمكن للجاني أن ينجح في التناسي بما يختص بقضية قتل قام بها، سواء بطريقة متعمدة أم غير متعمدة، ولكن عند خضوعه لبصمة الدماغ فإنه يقوم بالاعتراف بالجريمة كاملة، وعن أصعب اللحظات التي مر بها، وهذا ما تم التصريح على إثره من خلال (موكوندان) بأنه يجب الأخذ بهذه البصمة كدليل قوي في المحاكم والجنايات، وتقبل به هيئة المحلفين والقضاة.
  • في جامعة نورثويسترون قام مجموعة من الطلاب بالتدريب من قبل علماء النفس، عن كيفية ارتكاب جريمة كاملة مخطط لها مسبقا دون ترك أثر، حيث سيقوم الطلاب فيها بسرقة ممتلكات ثمينة للموظفين من ضمنها مجوهرات فضة، كما تم أيضا إبلاغهم بأفضل الأوقات التي من شأنهم مداهمة المكان، والقيام بالجريمة، وكيفية الاقتحام، ولكن ما أثار الدهشة والريبة لدى علماء النفس، أنه قام الطلاب بالاعتراف بالجريمة وكيفية أدائها، اذ يبقى السؤال عالقا، كيف يتحكم الدماغ بالذاكرة المحتفظة بداخلها بتفاصيل الجرائم وأحداثها؟، وإلى أي مدى يمكن للفرد  إخفاءها؟.
  • شرطة مكافحة الإرهاب قامت باقتراح استخدام بصمة الدماغ على الأشخاص العائدين من المناطق التي تصنف كمناطق صراع وحرب ونزاع، لمعرفة ما إذا قاموا بالمشاركة في هذه العمليات الإرهابية أو مشاركتهم في الأعمال التطوعية الإنسانية.
  • تعهدت شرطة سنغافورة على استخدامها وتطبيقها للبصمة في مكافحة جرائم القتل وكشف الجناة وذلك منذ عام 2003.

يشير البعض إلى عدم دقة البصمة الخاصة بالدماغ، إلا أن هذا القول غير متوارد، حيث تم تطبيقها في مختلف الدول، وأجمع الكثير على رغبتهم في تطبيقها والعمل بها.

ياسمين شندي  كاتبة صحفية وباحثة للاضطرابات السلوكية