كيفية عمل العلاج المناعي ضد السرطان

ما هي العوامل التي تؤثر على نجاح أو فشل العلاج المناعي لدى مرضى سرطان المثانة المتقدم؟ ولماذا لا يستجيب للعلاج المناعي سوى 20% من حالات سرطان المثانة المتقدم؟
هذه هي الأسئلة التي تناولتها دراسة حديثة أجراها برنامج أبحاث المعلوماتية الطبية الحيوية وبرنامج السرطان في معهد أبحاث مستشفى ديل مار وبالتعاون مع جامعة بومبيو فابرا.
تم تنسيق الدراسة، التي نُشرت في مجلة Nature Communications، بواسطة مار ألبا، وجوليا بيريرا، وجواكيم بيلمونت، بالإضافة إلى روبرت كاستيلو، من قسم الطب وعلوم الحياة (MELIS) في جامعة فلوريدا برينس جورج.
قام المؤلفون بتحليل البيانات العامة لأكثر من 700 فرد مصاب بهذا النوع من السرطان عبر ست مجموعات مختلفة لتحديد ما يميز المستجيبين عن غير المستجيبين للعلاج.
يمكن أيضًا تطبيق نتائج هذه الدراسة، وهي الأكبر التي أجريت حتى الآن على هذا النوع من السرطان، على أنواع أخرى من السرطان.
تشير النتائج إلى أنه من بين الأنواع الفرعية الخمسة للأورام في هذا السرطان، فإن النوع الأندر، وهو النوع العصبي، يستجيب بشكل أفضل لهذا النهج العلاجي، أما الأنواع الفرعية الأخرى فتظهر معدلات استجابة أقل.
وكما أوضحت الباحثة ليليان ماري بول من معهد أبحاث السرطان في جامعة غرايب: "لقد وجدنا أن العلامات التي تم تحديدها حتى الآن تعمل بشكل جيد للتنبؤ باستجابة العلاج في مجموعة فرعية من المرضى المصابين بسرطان المثانة المتقدم، أما بالنسبة للآخرين، فإننا نعتقد أن الاستجابة تعتمد على عوامل بيولوجية أخرى، وهو مجال يتطلب المزيد من التحقيق".

علامات للتنبؤ بنجاح العلاج
طورت الدراسة خوارزمية تعلم آلي للتنبؤ باستجابة العلاج لدى المرضى المصابين بأنواع مختلفة من الأورام.
وتشمل العلامات الأكثر موثوقية للتنبؤ بنجاح العلاج العبء الطفري للورم (عدد الطفرات في الورم)، والطفرات التي أدخلتها إنزيمات APOBEC، والتي ترتبط بتباين الورم، ووفرة الخلايا البلعمية المؤيدة للالتهابات.
بالإضافة إلى ذلك، حدد الباحثون علامات في بيئة الورم تعيق فعالية العلاج. وبخلاف هذه العلامات المعروفة، مكّن حجم العينة الكبير من تحديد الطفرات النادرة التي قد تظهر شظايا بروتينية جديدة على سطح الورم، مما يجعلها مرئية للجهاز المناعي.
"كما نعلم بالفعل، فإن تسلل الخلايا المناعية في الورم مهم. لكنه ليس المؤشر الوحيد لاستجابة العلاج، ولا ينطبق على جميع المرضى"، كما يلاحظ الدكتور بيريرا بيل.
في الواقع، لاحظ الباحثون أن تقسيم المرضى إلى أولئك الذين يعانون من تسلل مناعي وأولئك الذين لا يعانون منه جعل الخوارزمية أكثر دقة، وإعطاء الأولوية لعلامات مختلفة لكل مجموعة.
وتقول ليليان ماري بول: "إن مفتاح دراستنا هو فهم آليات الاستجابة داخل هذه المجموعات الفرعية، بدلًا من التعامل مع سرطان المثانة بأكمله ككيان واحد".
يقول الدكتور بيلمونت، منسق مجموعة أبحاث سرطان المسالك البولية في معهد أبحاث مستشفى ديل مار ومعهد دانا فاربر للسرطان: "تعمل هذه الدراسة على توسيع معرفتنا بتباين الأورام، وهو عامل مقيد لفعالية العلاج المناعي، كما تسلط الضوء على أهمية تحديد مجموعات الخلايا المناعية التي تسهل استجابة العلاج المناعي، في حين أن البعض الآخر له تأثيرات مثبطة".
وتؤكد النتائج على العلاقة الحاسمة بين بيولوجيا الورم والبيئة المناعية المحيطة في تحديد استجابة العلاج، فضلًا عن الحاجة إلى مراعاة العوامل الخاصة بنوع الورم عند اختيار النهج الأكثر ملاءمة.
ولهذا السبب، وفقًا لفريق البحث، من المهم جدًا أن يكون لدينا مجموعات بيانات كبيرة حتى نتمكن من تطوير نماذج حسابية تنبؤية تدمج كميات كبيرة من البيانات للتمييز بين مجموعات فرعية من المرضى، مما يدفع المجال نحو الطب الدقيق.