الثلاثاء 17 يونيو 2025 الموافق 21 ذو الحجة 1446
المشرف العام
محمود المملوك
مستشار التحرير
د. خالد منتصر
المشرف العام
محمود المملوك
مستشار التحرير
د. خالد منتصر

كيف يمكن أن يساهم تلوث الهواء في فقدان الذاكرة لدى مرضى الزهايمر؟

الإثنين 03/مارس/2025 - 05:30 ص
الزهايمر
الزهايمر


يساهم تلوث الهواء في وفاة ما يقرب من 7 ملايين شخص حول العالم في سن مبكرة كل عام، وتتجاوز آثاره الرئتين.

مخاطر تلوث الهواء

إن استنشاق دخان حرائق الغابات أو الضباب الدخاني الناتج عن عوادم السيارات في المدن لا يزيد من خطر الإصابة بالربو وأمراض القلب فحسب، بل قد يساهم أيضًا في الإصابة بأمراض الدماغ المتنوعة مثل الزهايمر والتوحد.

اكتشف العلماء في مركز سكريبس للأبحاث كيف أن التغيير الكيميائي في الدماغ، والذي يمكن أن يحدث بسبب الالتهاب والشيخوخة وكذلك السموم الموجودة في تلوث الهواء والمبيدات الحشرية ودخان حرائق الغابات واللحوم المصنعة، يعطل وظيفة خلايا الدماغ الطبيعية.

اكتشف الفريق أن هذا التغيير الكيميائي، المعروف باسم S-nitrosylation، يمنع خلايا الدماغ من تكوين اتصالات جديدة ويؤدي في النهاية إلى موت الخلايا.

وأظهر البحث، الذي نُشر في مجلة وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم أن منع النترتة S في بروتين دماغي رئيسي يعكس جزئيًا علامات فقدان الذاكرة في نماذج الفئران المصابة بالزهايمر وفي الخلايا العصبية المنتجة من الخلايا الجذعية البشرية.

يقول المؤلف الرئيسي، الأستاذ الدكتور ستيوارت ليبتون: "لقد كشفنا عن التفاصيل الجزيئية لكيفية مساهمة الملوثات في فقدان الذاكرة وأمراض التنكس العصبي. وقد يؤدي هذا في النهاية إلى تطوير أدوية جديدة تمنع هذه التأثيرات لعلاج مرض الزهايمر بشكل أفضل".

قبل أكثر من عقدين من الزمن، اكتشف ليبتون لأول مرة النترتة S، وهي عملية كيميائية حيث يرتبط جزيء مرتبط بأكسيد النيتريك (NO) بذرات الكبريت (S) داخل البروتينات (منتجًا "SNO")، مما يؤدي إلى تغيير وظيفتها وتشكيل ما أطلق عليه ليبتون "عاصفة SNO" في الدماغ.

أكسيد النيتريك

يوجد أكسيد النيتريك بشكل طبيعي داخل الجسم وينتج استجابة للتحفيز الكهربائي أو الالتهاب، ولكنه يتشكل أيضًا بكميات زائدة استجابة للمواد الجسيمية الصغيرة والمركبات المرتبطة بالنترات (المشار إليها باسم PM2.5/NOx ) الموجودة أو الناتجة عن تغير المناخ وتلوث الهواء المرتبط بالسيارات ودخان حرائق الغابات والمبيدات الحشرية واللحوم المصنعة.

وقد أثبتت مجموعة ليبتون البحثية وزملاؤها في السابق أن تفاعلات النترتة S الشاذة تساهم في بعض أشكال السرطان، والتوحد، ومرض الزهايمر، ومرض باركنسون وغيرها من الحالات.

وفي الدراسة الجديدة، بحث فريق ليبتون في تأثير النترتة S على بروتين CRTC1، الذي يساعد في تنظيم الجينات التي تعتبر ضرورية لتشكيل والحفاظ على الاتصالات بين خلايا المخ، وهي عملية أساسية للتعلم والذاكرة طويلة المدى.

وباستخدام خلايا دماغية مزروعة من الفئران والبشر، أكد الباحثون أولًا أن زيادة أكسيد النيتريك تؤدي إلى نتروزيلات S لبروتين CRTC1. ثم اكتشفوا أن هذا التعديل الكيميائي منع بروتين CRTC1 من الارتباط ببروتين تنظيمي آخر مهم في الدماغ، وهو بروتين CREB، ونتيجة لذلك، فشلت الجينات الأخرى اللازمة لتكوين الاتصالات بين الخلايا العصبية في التحفيز.

وقال ليبتون: "هذا مسار يؤثر على ذاكرتك ويرتبط بشكل مباشر بمرض الزهايمر البشري".

في الواقع، لاحظ الفريق مستويات عالية من CRTC1 النتروزيلي S في مرحلة مبكرة من المرض في نماذج الفئران المصابة بالزهايمر وفي الخلايا العصبية البشرية المشتقة من الخلايا الجذعية لمرضى الزهايمر، وهو ما يدعم فكرة أن التغيير الكيميائي يلعب دورا رئيسيا في تطور أعراض المرض.

بعد ذلك، قام فريق البحث بهندسة نسخة من CRTC1 وراثيًا لم تعد قادرة على الخضوع لعملية النترتة S، حيث يفتقر البروتين الآن إلى الحمض الأميني المحتوي على الكبريت (المسمى السيستين) المطلوب للتفاعل الكيميائي.

أدى إدخال هذه النسخة المعدلة من CRTC1 إلى الخلايا العصبية البشرية المشتقة من الخلايا الجذعية لمرضى الزهايمر إلى منع علامات المرض، بما في ذلك ذبول اتصالات الخلايا العصبية وانخفاض بقاء الخلايا العصبية.

في نماذج الفئران المصابة بالزهايمر، أعاد جين CRTC1 الذي تمت هندسته حديثًا تنشيط الجينات المطلوبة لتكوين الذاكرة والمرونة المشبكية - قدرة الدماغ على تقوية الروابط بين الخلايا العصبية.

يقول ليبتون: "يمكننا أن ننقذ بشكل شبه كامل المسارات الجزيئية التي تشارك في تكوين ذكريات جديدة. وهذا يشير إلى أن هذا هدف يمكن علاجه ويمكن أن يحدث فرقًا حقيقيًا في علاج مرض الزهايمر وأمراض عصبية أخرى محتملة".

وبما أن السموم البيئية، بما في ذلك تلوث السيارات ودخان حرائق الغابات، يمكن أن تؤدي إلى ارتفاع مستويات أكسيد النيتريك في الدماغ، فإن الدراسة الجديدة تعزز الفرضية القائلة بأن هذه السموم يمكن أن تسرع من شيخوخة الدماغ ومرض الزهايمر من خلال النترتة S.

وقال ليبتون إن منع النترتة S لـ CRTC1 يمكن أن يكون مسارًا قابلًا للتطبيق نحو إبطاء أو منع هذا النوع من تلف الدماغ المرتبط بمرض الزهايمر.

وأضاف أن النتائج قد تساعد أيضًا في تفسير سبب زيادة خطر الإصابة بالزهايمر مع تقدم العمر، فحتى بدون التعرض للسموم البيئية، يؤدي التقدم في السن إلى زيادة الالتهاب وارتفاع مستويات أكسيد النيتريك، في حين تضعف دفاعات الجسم المضادة للأكسدة - مما يجعل البروتينات أكثر عرضة لتفاعلات النترتة الضارة.

ويوضح ليبتون: "نحن نتعلم أن النترتة S تؤثر على العديد من البروتينات في جميع أنحاء الجسم، ولكن عكس بعض هذه التغييرات فقط - مثل تلك الموجودة على CRTC1 - يمكن أن يكون له تأثير كبير على وظيفة الذاكرة".

وتعمل مجموعته البحثية الآن على تطوير عقاقير يمكنها منع تفاعلات النترتة S بشكل انتقائي، بما في ذلك تلك التي تؤثر على CRTC1.