نتائج واعدة لمكافحة مقاومة المضادات الحيوية في الأمعاء.. ما السر؟

قد يؤدي الاستخدام المتزايد للمضادات الحيوية، على نحوٍ متناقض، إلى عدوى أكثر خطورة، إذ تتطور البكتيريا لمقاومة العلاج.
وقد يكمن الحل لهذه المقاومة للمضادات الحيوية، التي وصفتها مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها بأنها "إحدى أكثر مشاكل الصحة العامة إلحاحًا في العالم"، في دواء يُستخدم لعلاج أمراض الكلى، وفقًا لفريق بحثي بقيادة باحثين من جامعة ولاية بنسلفانيا.

المضادات الحيوية والبكتيريا
تقتل المضادات الحيوية البكتيريا أو توقف نموها، ولكن كلما زاد استخدامها، زادت قدرة البكتيريا على مقاومتها.
وجد الفريق أن دواء سيفيلامر، المعتمد من إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA)، والذي يُوصف عادةً للمساعدة في ربط الفوسفور الزائد في دم الأشخاص المصابين بأمراض الكلى المزمنة الذين يخضعون لغسيل الكلى، يمكنه أيضًا ربط المضادات الحيوية غير المستهدفة في الفئران.
تُصنف المضادات الحيوية على أنها "غير مستهدفة" عندما تظهر في الجسم بعيدًا عن موقع العدوى - في هذه الحالة، يتسرب جزء صغير منها إلى مجرى الدم ويُفرز في الأمعاء.
نشر الباحثون نتائجهم، التي قالوا إنها تُشير إلى طريقة تُساعد في تخفيف مقاومة المضادات الحيوية، في مجلة Small.
تكمن الفكرة في أن سيفيلامر قادر على اكتشاف المضادات الحيوية غير المستهدفة والارتباط بها، مانعًا إياها من التفاعل مع البكتيريا في الأمعاء، كما لو كنا نربط كلبًا لمنعه من مطاردة سنجاب.
وقال المؤلف المراسل أمير شيخي: "لقد وجدنا أن سيفيلامر يمكن أن يعمل كمضاد حيوي من خلال التقاط الفانكومايسين والدابتوميسين غير المستهدفين - وهما مضادان حيويان شائعان - في الأمعاء، مما يمنع تطور المقاومة دون المساس بفعالية المضاد الحيوي الجهازي".
يُوصف الفانكومايسين عادةً لعلاج الالتهابات التي تسببها المكورات المعوية، والتي توجد في الأمعاء ولكنها قد تنمو وتنتشر إلى مناطق أخرى من الجسم، مما يؤدي إلى التهابات المسالك البولية، والتهابات القلب، والتهاب النسيج الخلوي، وغيرها.
ومع ذلك، يمكن للبكتيريا أن تتطور لمقاومة الفانكومايسين، لذا يلجأ الأطباء إلى دابتومايسين كعلاج أخير لمكافحة العدوى.
ووفقًا للشيخي، فإن هذه الأنواع من الالتهابات شائعة بشكل خاص في مرافق الرعاية الصحية، حيث خضع المرضى بالفعل لعلاجات مطولة بالمضادات الحيوية لالتهابات أولية أو أصيبوا بالتهابات أولية بعد إجراء طبي.
تكمن المشكلة في أن البكتيريا قد تتطور لمقاومة دابتوميسين أيضًا.
وأوضح شيخي أن هذه المقاومة تنشأ لأن 5% إلى 10% من المضادات الحيوية، التي تُعطى وريديًا، تصل إلى الجهاز الهضمي، وهناك، لا تُضاهي المضادات الحيوية غير المستهدفة عددًا من البكتيريا، التي تنجو من الدواء وتتطور دون أن تتأثر بالأدوية المخصصة للقضاء عليها.
ولمواجهة ذلك، يعمل الباحثون على تطوير طرق لالتقاط المضادات الحيوية غير المستهدفة ومنع البكتيريا من التطور بطرق تُفقد الأدوية فعاليتها.
وقال شيخي: "إن تطوير المضادات الحيوية، بدلاً من المضادات الحيوية الجديدة، قد يكون قادرًا على حماية فعالية المضادات الحيوية الحالية".
وأوضح أنه بما أن البكتيريا قادرة على تطوير مقاومة للمضادات الحيوية، وقد استمرت في ذلك، فقد لجأ الباحثون إلى البحث عن علاجات بديلة تتجاوز مجرد ابتكار مضادات حيوية أقوى، ومن هذه الطرق إعطاء دواء قادر على التقاط المضادات الحيوية غير المستهدفة بالتزامن مع المضاد الحيوي نفسه.
وقال أندرو ريد، المؤلف المشارك في الدراسة الحالية إن "المضادات الحيوية تُحفّز مقاومة المضادات الحيوية. إذا استطعنا تعطيل المضادات الحيوية عند عدم الحاجة إليها، فإننا نقضي على مُحفّز مقاومة المضادات الحيوية. من حيث المبدأ، يُمكن للمضاد الحيوي أن يمنع ظهور مقاومة المضادات الحيوية في الأمعاء".