هدف علاجي جديد لـ التهاب القولون التقرحي

كشفت دراسة حديثة كيف يُفاقم فيروس إبشتاين بار (EBV) التهاب القولون التقرحي (UC)، وهو مرض التهابي مُنهك في الأمعاء.
واكتشف الباحثون أن عدوى فيروس إبشتاين بار تُحفز موت الخلايا البلعمية الالتهابي (pyroptosis) عن طريق تسريع تحلل الجلوكوز، وهو مسار أيضي رئيسي.
يؤدي هذا التسلسل من الأحداث إلى تفاقم التهاب القولون وتعطيل الحاجز المعوي، مما يُلقي ضوءًا جديدًا على كيفية مساهمة العدوى الفيروسية في التهاب القولون التقرحي.
لا تُعمّق هذه النتائج فهمنا لمسببات التهاب القولون التقرحي فحسب، بل تفتح أيضًا آفاقًا لعلاجات جديدة تستهدف الالتهاب الناتج عن فيروس إبشتاين بار.

التهاب القولون التقرحي
التهاب القولون التقرحي (UC) مرض مزمن متكرر يُسبب التهابًا مؤلمًا وتقرحات في القولون.
وبينما لا تزال أسبابه الدقيقة غامضة، تشير أدلة متزايدة إلى أن العدوى الفيروسية، وخاصةً فيروس إبشتاين بار (EBV)، قد تُفاقم شدة المرض. وقد رُصدت مستويات مرتفعة من الحمض النووي الريبوزي منقوص الأكسجين (DNA) والحمض النووي الريبوزي (RNA) لفيروس إبشتاين بار في أنسجة القولون لدى مرضى التهاب القولون التقرحي، مما يرتبط بأعراض أكثر حدة، وزيادة مخاطر الجراحة، وضعف الاستجابة للعلاج.
مع ذلك، لا تزال الآليات الدقيقة التي تربط فيروس إبشتاين بار بتطور التهاب القولون التقرحي غامضة.
ونظرًا لهذه التحديات، حرص العلماء على كشف كيفية مساهمة فيروس إبشتاين بار في التهاب القولون التقرحي واستكشاف استراتيجيات علاجية جديدة.
في دراسة نُشرت في مجلة Precision Clinical Medicine، بحث باحثون من مستشفى غرب الصين بجامعة سيتشوان في دور فيروس إبشتاين بار في التهاب القولون التقرحي.
ومن خلال تحليل عينات أنسجة من مرضى التهاب القولون التقرحي وإجراء تجارب على نماذج فئران مصابة بفيروس جاما الهربس 68 (MHV-68) الفأري، وهو قريب من فيروس إبشتاين بار، اكتشف الفريق وجود صلة جوهرية بين عدوى فيروس إبشتاين بار والالتهاب الناتج عن الخلايا البلعمية.
تُسلّط نتائجهم الضوء على آلية غير معروفة سابقًا تُفاقم أعراض التهاب القولون التقرحي.
كشفت الدراسة أن عدوى فيروس إبشتاين بار تزيد بشكل كبير من مستويات البروتينات المرتبطة بالموت الخلوي المبرمج، بما في ذلك جاسدرمين د، وNLRP3، وإنترلوكين-1β (IL-1β)، وإنترلوكين-18 (IL-18) في القولون.
أظهرت الخلايا البلعمية المصابة بفيروس إبشتاين بار استجابات التهابية مفرطة، مما أدى إلى تلف معوي شديد وإضعاف سلامة الأمعاء.
تجدر الإشارة إلى أن الباحثين حددوا تحلل الجلوكوز كعامل رئيسي في هذه العملية، إذ يُغذي الالتهاب الذي يُفاقم التهاب القولون التقرحي.
الأهم من ذلك، عندما أوقف الفريق تحلل الجلوكوز باستخدام مثبط الأيض 2-ديوكسي-دي-جلوكوز (2-DG)، انخفض موت الخلايا البلعمية بشكل ملحوظ، مما أدى إلى انخفاض الالتهاب لدى الفئران المصابة بالتهاب القولون التقرحي.
تُثبت هذه النتائج وجود صلة مباشرة بين فيروس إبشتاين بار، واضطراب التمثيل الغذائي، وتنشيط المناعة في التهاب القولون التقرحي.
أكد الدكتور هو تشانج، المؤلف الرئيسي للدراسة، على أهمية هذه الاكتشافات قائلاً: "يقدم بحثنا أدلة دامغة على أن فيروس إبشتاين بار يساهم بشكل فعال في شدة التهاب القولون التقرحي من خلال تحفيز موت الخلايا الالتهابية في الخلايا البلعمية، والأهم من ذلك، أننا حددنا تحلل الجلوكوز كهدف محتمل للتدخل. ومن خلال تعطيل هذا المسار الأيضي، قد نتمكن من الحد من الالتهاب الناتج عن فيروس إبشتاين بار وتحسين نتائج العلاج لمرضى التهاب القولون التقرحي".
قد تُحدث هذه النتائج ثورةً في استراتيجيات علاج التهاب القولون التقرحي.
تعتمد العلاجات الحالية بشكل أساسي على مثبطات المناعة، والتي - على الرغم من فعاليتها في السيطرة على الالتهاب - قد تجعل المرضى أكثر عرضة للإصابة بالعدوى الفيروسية مثل فيروس إبشتاين بار.
تشير الدراسة إلى أن استهداف تحلل الجلوكوز قد يوفر سبيلاً علاجياً جديداً - سبيلاً يُكافح الالتهاب الناجم عن فيروس إبشتاين بار على وجه التحديد مع الحفاظ على وظيفة المناعة.
بالإضافة إلى ذلك، يُمكن استكشاف علاجات مضادة للفيروسات تُثبّط تكاثر فيروس إبشتاين بار مباشرةً كعلاجات مُساعدة لمرضى التهاب القولون التقرحي المُصابين بعدوى فيروس إبشتاين بار المُؤكّدة.
ستكون الخطوة التالية إجراء تجارب سريرية لترجمة هذه النتائج الواعدة إلى استراتيجيات علاجية عملية.
لا يكشف هذا البحث عن محفز فيروسي خفي في التهاب القولون التقرحي فحسب، بل يمهد الطريق أيضًا لعلاجات مبتكرة تعتمد على الدقة، مما يوفر أملًا جديدًا للمرضى الذين يعانون من العبء المستمر لمرض التهاب الأمعاء.