كيف يؤثر الصيام على الجهاز المناعي؟
قد يُعيد بحث جديد أجراه علماء وباحثون من جامعة مانشستر صياغة فهمنا لما يحدث للجهاز المناعي في أثناء الصيام.
تُظهر الدراسة التي أُجريت على الفئران أن منطقة ما تحت المهاد في الدماغ تتحكم في كيفية تكيف الجهاز المناعي في أثناء الصيام، من خلال مجموعة من الخلايا العصبية عالية التخصص المسؤولة عن جعل الحيوانات تشعر بالجوع.
نُشرت الدراسة في مجلة Science Immunology، وتُظهر أن إدراك الدماغ للجوع أو الشبع، وليس تناول الطعام الفعلي أو تقييد السعرات الحرارية، كافٍ لإحداث تغييرات في الخلايا المناعية في الجسم.
وتثير هذه النتائج شكوكا حول الرأي السائد بأن نقص العناصر الغذائية وحده يتحكم في كيفية استجابة الجهاز المناعي للصيام، مما يشير إلى أن الدماغ يلعب دورا حاسما، يتجاوز مجرد غياب الطعام.
تفاصيل الدراسة
من خلال تفعيل خلايا عصبية دماغية محددة بشكل اصطناعي لدى الفئران، والتي عادةً ما تُشير إلى انخفاض مستويات الطاقة، حفّز العلماء شعورًا اصطناعيًا بالجوع.
من اللافت للنظر أنهم لاحظوا، في غضون ساعات، أُعيد تنظيم سريعة للخلايا المناعية في الدم، مع انخفاض ملحوظ في الخلايا الوحيدة الالتهابية.
بدت هذه الفئران الجائعة بشكل اصطناعي، من منظور مناعي، تمامًا مثل الفئران التي صامَت فعليًا.
وقد يكون لهذا الاكتشاف آثار مهمة في تطوير علاجات جديدة لعلاج مجموعة من الأمراض الالتهابية وكذلك لعلاج متلازمات الهزال التي تظهر في السرطان، حيث يفقد الأفراد الوزن على الرغم من تناول الطعام بشكل طبيعي.
وقد يفسر هذا أيضًا سبب ارتباط السمنة غالبًا بالحالات الالتهابية ولماذا يكون الأفراد الذين يعانون من سوء التغذية أكثر عرضة للإصابة بالعدوى والالتهابات.
قال الباحث الرئيسي، الدكتور جوزيبي داجوستينو، الذي نسق الدراسة: "يمكن لإدراكاتنا أن تُشكل أجسامنا بطرق لا نلاحظها دائمًا، من السهل أن نرى كيف تُوجه أفكارنا أفعالنا، لكن هذه الدراسة تُذكرنا بأن حتى تعديلات أجسامنا الداخلية التي لا تخضع لسيطرة واعية تستجيب لإشارات الدماغ".
تُبرز هذه الدراسة أهمية الدماغ في تنظيم الجهاز المناعي، ولكن إذا غيّرت عوامل داخلية أو خارجية إدراك الدماغ، فقد تسوء هذه العمليات، مما يُذكّرنا بمدى عمق ارتباط العقل والجسم، وضرورة بقائهما.
وأضاف البروفيسور مات هيبورث، المتعاون وعالم المناعة في مانشستر: "يُشكك هذا العمل في الرأي السائد منذ فترة طويلة بأن التأثير المناعي للصيام يعتمد بشكل كامل على مستويات العناصر الغذائية، ويُسلط الضوء على التأثير العميق للجهاز العصبي على كيفية تكيف الجهاز المناعي في أثناء الصيام".
وقال الدكتور كافالكانتي دي ألبوكيرك، المؤلف الرئيسي للدراسة: "من خلال إظهار كيفية ممارسة الدماغ للتحكم من أعلى إلى أسفل في الخلايا المناعية، يمكننا استكشاف متى وكيف يمكن للصيام أن يحقق فوائد صحية، كما أنه يفتح آفاقًا جديدة لعلاج الحالات المعدية والالتهابية والأيضية والنفسية".
