المياه النظيفة والصرف الصحي تقلل من انتقال الكوليرا| دراسة

قد يكون لاستراتيجيات الصحة العامة، من التطعيم إلى تحسين الظروف الصحية، تأثيرات مختلفة اعتمادًا على ما إذا كان المرض متوطنا أو تفشيا جديدا، لأن طرق انتقال العدوى السائدة قد تختلف.
جاء ذلك وفقًا لدراسة جديدة قامت بمحاكاة انتقال الكوليرا بعد التدخلات في الكونغو، وسلطت الضوء على كيف يمكن للاستراتيجيات طويلة الأجل مثل تحسين الوصول إلى المياه النظيفة والبنية الأساسية للصرف الصحي أن تكون فعالة بشكل خاص في المواقع التي يكون فيها الكوليرا متوطنًا بسبب مساهمة الخزان البيئي.
نُشرت ورقة بحثية تصف البحث الذي أجراه باحثون في جامعة ولاية بنسلفانيا في مجلة PLOS Neglected Tropical Diseases.
قال ألكسندر بليك، المؤلف الأول للدراسة: "عند إجراء التدخلات لمكافحة مرض معدٍ، يجب على مسؤولي الصحة العامة أن يقرروا كيفية تخصيص الموارد وإعطاء الأولوية للاستراتيجيات التي سيكون لها أكبر تأثير".
وأضاف: "نحن مهتمون بشكل خاص بكيفية تخصيص الموارد في الحالات المتوطنة، فإذا كان الوباء أشبه بحريق غابة، حيث ينتشر المرض بشدة قبل أن يتوقف، فإن المرض المتوطن أشبه بحروق بطيئة، حيث ينتشر المرض باستمرار في الخلفية مع تفاقمات عرضية".
وتابع: "استخدمنا النمذجة الإحصائية لفهم انتقال الكوليرا بشكل أفضل في مدينة كاليمي بالكونغو، حيث يُعدّ هذا المرض متوطنًا، ركزنا تحديدًا على العامين التاليين لسلسلة من التدخلات لتقييم أثرها".

الكوليرا
الكوليرا مرض بكتيري ينتقل عن طريق تناول البكتيريا، يمكن أن يسبب المرض إسهالًا حادًا، مما قد يؤدي إلى تلويث مصادر المياه بالبكتيريا المسببة للمرض وزيادة انتقاله، خاصة في المناطق التي تعاني من سوء الصرف الصحي أو محدودية البنية التحتية لمعالجة مياه الشرب.
بالرغم من أن العديد من المصابين لا تظهر عليهم أي أعراض أو تظهر عليهم أعراض خفيفة، إلا أن حالات الكوليرا المصحوبة بأعراض قد تتطور بسرعة، مما يؤدي إلى جفاف شديد قد يكون قاتلاً.
وقد قدرت إحدى الدراسات أن ما بين 1.3 مليون و4 ملايين حالة كوليرا حول العالم تسبب ما بين 21 ألفًا و143 ألف حالة وفاة سنويًا.
وقد وضعت فرقة العمل العالمية لمكافحة الكوليرا خارطة طريق للقضاء على الكوليرا في 20 دولة بحلول عام 2030، مع التركيز بشكل خاص على أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، حيث تفشّى الكوليرا منذ أوائل سبعينيات القرن الماضي.
غالبًا ما تشمل تدخلات مكافحة الكوليرا التطعيم، الذي يُمكن تنفيذه بسرعة، بالإضافة إلى تحسينات في مجال المياه والصرف الصحي والنظافة الصحية، والتي تُعرف مجتمعةً باسم "الوِش".
أما استراتيجيات المياه والصرف الصحي والنظافة الصحية واسعة النطاق، مثل تحسين البنية التحتية للصرف الصحي وتوفير المياه النظيفة، فهي أكثر تكلفة ويستغرق تنفيذها شهورًا إلى سنوات.
قال بليك: "نعلم أن خدمات المياه والصرف الصحي والنظافة الصحية والتطعيم أدوات فعّالة للوقاية من الكوليرا، لكن تأثير التطعيم دُرِس على نطاق واسع في حالات الأوبئة كاستجابة سريعة، يُعدّ تطبيق خدمات المياه والصرف الصحي والنظافة الصحية بطيئًا ومكلفًا، مما يُصعّب تحقيقه في البيئات منخفضة الدخل.
وأضاف: "للقضاء على الكوليرا، نحتاج إلى فهم أفضل للعوامل العديدة التي تُحفّز انتقال المرض، بالإضافة إلى تأثير التدخلات المختلفة في البيئات الموبوءة".
قام الباحثون ببناء عدة نماذج إحصائية لتحديد أي مجموعة من العوامل تُفسر انتقال الكوليرا خلال هذه الفترة على أفضل وجه، واستخدموا صور الأقمار الصناعية للضوء ليلاً لتتبع الإشغال الموسمي للمدينة، والذي يؤثر على عدد الأشخاص في المنطقة المعرضين للإصابة بالبكتيريا أو نقلها.
كما أخذوا في الاعتبار هطول الأمطار ومتغيرات بيئية أخرى قد تؤثر على قدرة البكتيريا على البقاء في البحيرة المجاورة وإصابة المزيد من الناس.
ورغم أن الباحثين لم يجدوا تأثيراً كبيراً للحركة الموسمية للأشخاص في كاليمي، إلا أنهم وجدوا أن جزءاً كبيراً من انتقال العدوى نتج عن البيئة، وربما لأن البحيرة تعمل كخزان لبكتيريا الكوليرا.
وقال بليك "نظرًا لأن البكتيريا تستمر في البحيرة، فقد تتاح لبعض سكان المدينة فرص التعرض لها بشكل منتظم وقد يطورون في نهاية المطاف مستوى معينًا من المناعة، مما يشكل ديناميكيات انتقال العدوى وفي النهاية تأثير بعض التدخلات".
قدّر الباحثون أنه يمكن تجنّب معظم حالات انتقال الكوليرا إذا تمّ منع التعرّض البيئي أو التلوث.
كما قدّروا أن غالبية السكان اكتسبوا بعض المناعة خلال هذه الفترة نتيجةً لتفشّي المرض بشكل منتظم والتعرّض المستمرّ للبيئة.
وبالنظر إلى النتائج مجتمعةً، أشار الباحثون إلى أن تأثير التطعيم في منع انتقال العدوى سيكون أقلّ مقارنةً بخدمات المياه والصرف الصحي والنظافة الصحية في مثل هذه البيئات.