تأثير الأدوية المخدرة على مرونة الدماغ

اكتشف باحثون أن جرعة واحدة من مركب مخدر يمكن أن تعزز المرونة الإدراكية، أي قدرة الدماغ على التكيف مع الظروف المتغيرة، لأسابيع بعد تناوله.

قد يؤدي هذا إلى إحداث ثورة في علاجات الاكتئاب واضطراب ما بعد الصدمة والأمراض العصبية التنكسية.

أظهرت الدراسة، التي حملت عنوان "جرعة واحدة من المواد المخدرة المهلوسة تعزز المرونة الإدراكية والتعلم العكسي لدى الفئران بعد أسابيع من تناولها"، والتي نشرت في مجلة Psychedelics، أن الفئران التي عولجت بجرعة واحدة من 25CN-NBOH، وهو ناهض انتقائي لمستقبلات السيروتونين 2A، أظهرت تحسنًا ملحوظًا في الأداء في مهام التعلم العكسي مقارنة بمجموعات التحكم عند اختبارها بعد أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع من العلاج.

يوضح البروفيسور عمر ج. أحمد، الباحث الرئيسي في الدراسة قائلاً: "ما يجعل هذا الاكتشاف مهمًا بشكل خاص هو المدة المستدامة للفوائد المعرفية بعد جرعة واحدة فقط من المواد المخدرة".

وأضاف: "لقد لاحظنا تحسنًا في القدرة على التكيف في التعلم والتي استمرت لأسابيع، مما يشير إلى أن هذه المركبات قد تحفز تغييرات دائمة وذات مغزى سلوكي في اللدونة العصبية في القشرة الجبهية".

باستخدام نموذج مبتكر للتعلم التسلسلي الآلي، قام الباحثون بقياس مدى فعالية الفئران في التكيف مع انعكاسات القواعد، وهو اختبار قياسي للمرونة الإدراكية.

أظهرت الفئران المعالجة بالمواد المخدرة قدرة تكيف فائقة مقارنةً بالمجموعة الضابطة المعالجة بمحلول ملحي، مع تحسين كفاءة المهام، ونسب أعلى من المحاولات الصحيحة، وزيادة في اكتساب المكافآت خلال مرحلة الانعكاس.

التأثيرات على علم الدماغ

تكمل النتائج الأبحاث الخلوية الموجودة التي تظهر إعادة تشكيل هيكلي ناتج عن المواد المخدرة في القشرة الجبهية الأمامية، ولكنها تظهر بشكل فريد الفوائد المعرفية المستدامة التي تستمر لفترة طويلة بعد تبدد التأثيرات المباشرة للمخدرات.

مع استمرار تزايد الاهتمام بالطب المخدر، يثير هذا البحث أسئلة مثيرة للاهتمام حول كيفية إعادة تشكيل المسارات العصبية التي تحكم التفكير المرن.

هل يُمكن لهذه المركبات أن تُعيد فتح فترات حرجة من مرونة الدماغ؟ ما هي الآليات الجزيئية الكامنة وراء هذه التحسينات المعرفية طويلة الأمد؟ كيف يُمكن أن يؤثر توقيت وتكرار تناول الدواء على مرونة الدماغ على المدى الطويل؟

ركزت الدراسة الحالية على الآثار طويلة المدى لجرعة واحدة من المواد المخدرة. والسؤال الرئيسي هو: ماذا يحدث مع تناول جرعتين أو ثلاث جرعات أو حتى عشرين جرعة على مدى عدة أشهر؟ هل كل جرعة إضافية تُعزز التعلم المرن بشكل متزايد، أم أن هناك تأثيرًا ثابتًا أو حتى تأثيرًا سلبيًا لتناول جرعات زائدة؟ هذه أسئلة مهمة يجب الإجابة عليها لاحقًا في سعينا لجعل الطب النفسي أكثر عقلانية وفعالية، وفقًا للدكتور أحمد.

ومن المهم أن الدراسة وجدت أن الفئران الذكور والإناث على حد سواء أظهرت تحسنات كبيرة في المرونة الإدراكية، مما يشير إلى إمكانية تطبيق العلاج النفسي على نطاق واسع عبر الجنسين البيولوجيين.

تقول إليزابيث ج. براونز، المؤلفة الرئيسية للدراسة: "الجانب الأبرز في نتائجنا هو أن هذه الفوائد الإدراكية قُيست بعد 15-20 يومًا من تناول جرعة واحدة من المخدر. وهذا يشير إلى أن جرعة واحدة من المخدر لا تُحدث تغييرًا مؤقتًا في الإدراك فحسب، بل قد تُحدث تغييرات مفيدة دائمة في وظائف الدماغ".

تُمثل المهمة السلوكية الآلية في الدراسة تقدمًا منهجيًا هامًا في تقييم التعلم المرن، مما يُمكّن الباحثين من تقييم المرونة الإدراكية بكفاءة في الدراسات المستقبلية للمركبات المخدرة.

ويمكن لهذا النهج عالي الإنتاجية أن يُسرّع تطوير علاجات مخدرة مُستهدفة لاختلالات إدراكية مُحددة.