اكتشاف خلية مناعية معوية تمنع حساسية الطعام

في أغلب الأحيان، يستطيع الجهاز المناعي المعوي التمييز بين الصديق والعدو، فيتحمل أنواعًا لا حصر لها من الأطعمة، بينما يقضي على الغزاة المُسببين للأمراض.
لكن لدى ملايين الأشخاص حول العالم الذين يعانون من حساسية الطعام، بمن فيهم ملايين الأطفال، تُخطئ الخلايا المناعية في تحديد الطعام على أنه تهديد، مما يُثير ردود فعل قد تُهدد الحياة.
الآن، حدد باحثون في كلية الطب بجامعة واشنطن في سانت لويس، لدى الفئران، أن الخلايا المناعية الأساسية في الأمعاء تمنع هجومًا غير مبرر على مسببات الحساسية الغذائية غير الضارة.
في غياب هذه الخلايا، عانت الفئران من التهاب معوي واستجابة تحسسية تجاه الطعام.
نُشرت أبحاثهم في مجلة Cell.
قال الدكتور ماركو كولونا، أستاذ علم الأمراض في كلية الطب بجامعة واشنطن: "نشهد زيادة عالمية سريعة في حساسية الطعام، مما يؤثر بشكل كبير على جودة الحياة".
وأضاف: "إن نقص العلاجات للوقاية من حساسية الطعام وإدارتها يُعقّد مشكلة الصحة العامة المتنامية، والآن، وبعد أن تعرفنا على العوامل التي تُرسّخ تحمّل مسببات الحساسية الغذائية، يُمكننا ابتكار استراتيجيات مبتكرة لاستهدافها علاجيًا، وربما الوقاية من حساسية الطعام أو علاجها".

الجهاز المناعي وحساسية الطعام
يتفاعل الجهاز المناعي مع مسببات الحساسية الغذائية الشائعة، مثل: الفول السوداني، والمكسرات، والحليب، والبيض، والمحار، وغيرها، دون أن يُطلق هجومًا مناعيًا مُدمرًا ذاتيًا، في عملية تُسمى "التحمل".
يُؤدي ضعف تحمل الطعام إلى رد فعل تحسسي تتراوح أعراضه بين الشرى الخفيف والحكة، ورد فعل تحسسي شديد يُهدد الحياة، وقد يُسبب تورمًا في الحلق وصعوبة في التنفس، ويتطلب علاجًا فوريًا.
وكجزء من الدراسة الحالية، يهدف الباحثون إلى التركيز على العناصر التي تعمل على منع مثل هذه التفاعلات، وهو العمل الذي قد يساعد في تطوير علاجات وقائية لحساسية الطعام.
يتضمن تحمّل الطعام خلايا مناعية متعددة. تلتقط بعض الخلايا المناعية جزيئات الطعام ، وتفرمها إلى أجزاء صغيرة، ثم تُقدّمها إلى الخلايا التائية في الجهاز المناعي، مُوجّهةً إياها إلى عدم الاستجابة للأجسام الغريبة غير المؤذية.
ومؤخرًا، عُثر على مجموعة صغيرة من الخلايا - الخلايا الشجيرية RORγt+ - بين الخلايا المناعية المعوية في أنواع متعددة.
كان مختبر كولونا أول من حدّد هذه الخلايا لدى البشر عام 2023، ولم يُستكشف دورها في الوقاية من الحساسية الغذائية بعد.
شرع الباحثون في فهم ما إذا كانت الخلايا الشجيرية RORγt+ هي الخلايا المناعية المعوية التي تمنع حساسية الطعام. عالجوا الفئران بألبومين البيض، وهو بروتين شديد الحساسية موجود في بياض البيض، عن طريق الفم ثم عن طريق الأنف.
أظهرت الفئران التي تفتقر إلى الخلايا الشجيرية المعوية RORγt+ علامات التهاب رئوي تحسسي، بينما لم تظهر على الفئران التي تحمل هذه الخلايا.
وقد كشف تحليل للخلايا المناعية المعوية عن اختلال في توازن الخلايا التائية التي تُحفز الاستجابات المناعية لجزيئات الطعام، مقابل الخلايا التي تُثبطها، لدى الفئران المصابة بالحساسية، مع ميل نحو النوع الأول.
قال الباحثون: "بإزالة الخلايا الشجيرية RORγt+ من أمعاء الفئران، كسرنا قدرة الجسم على تحمل مسببات الحساسية الغذائية. يُلهمنا هذا الاكتشاف الآن لمعرفة ما إذا كان بإمكاننا فعل العكس: منع الحساسية الغذائية من خلال دعم نشاط هذه المجموعة من الخلايا. ولأن الخلايا الشجيرية RORγt+ موجودة لدى البشر، فإن اكتشافنا يُقدم إمكانية جديدة ومثيرة لإدارة الحساسية الغذائية وغيرها من أمراض المناعة المرتبطة بالأمعاء، مثل الداء البطني أو داء الأمعاء الالتهابي".
وأضافوا: "إن استهداف نشاط الخلايا الشجيرية RORγt+ لديه القدرة على العمل بشكل أكبر في المراحل المتقدمة لمنع تحفيز الاستجابة المناعية أولًا".
وأشاروا إلى انه "إذا ثبتت صحة ذلك، فقد يوفر علاج يدعم نشاط هذه المجموعة الصغيرة من الخلايا تحملًا طويل الأمد لمسببات الحساسية الغذائية".