الكشف عن المراحل المبكرة والسبب المحتمل لسرطان المعدة

لأول مرة، أجرى العلماء تحليلًا منهجيًا للطفرات الجسدية في أنسجة بطانة المعدة لكشف العمليات الطفرية، التي قد يؤدي بعضها إلى السرطان.
كما كشف الفريق عن دلائل على سبب جديد محتمل لسرطان المعدة، وهو ما يتطلب مزيدًا من البحث.
قام باحثون في معهد ويلكوم سانجر، ومعهد برود التابع لمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا وجامعة هارفارد، وجامعة هونج كونج، وزملاؤهم بتسلسل الجينوم الكامل لعينات بطانة المعدة الطبيعية من أشخاص مصابين بسرطان المعدة ومن غير مصابين به.
وجد الفريق أنه بالرغم من التعرض المنتظم لمحتويات المعدة الحمضية، فإن بطانة المعدة محمية من أي آثار سامة.
واكتشف الفريق أن الخلايا التي تحمل طفرات "محفزة" في جينات السرطان تشغل ما يقرب من 10% من بطانة المعدة بحلول سن الستين.
بالإضافة إلى اكتشاف غير مألوف، وهو أن بعض الأفراد، وليس جميعهم، لديهم طفرات تؤدي إلى 3 نسخ من كروموسومات معينة، مما يشير إلى التعرض لمسبب طفرة غير معروف.
تُضاف هذه النتائج، المنشورة في مجلة نيتشر، إلى خريطة الطفرات في الأنسجة الطبيعية من الجهاز الهضمي.
يُمكّن هذا العمل الباحثين من استكشاف العمليات الطفرية الأساسية ومقارنة معدلات الطفرات في جميع أنحاء الجسم، وتعزيز فهم المراحل الأولى من تطور السرطان.

سرطان المعدة
سرطان المعدة، المعروف أيضًا بسرطان المعدة، هو خامس أكثر أنواع السرطان شيوعًا في جميع أنحاء العالم، مع ما يقرب من مليون حالة جديدة في عام 2022، وهو ثالث سبب رئيسي للوفيات المرتبطة بالسرطان على مستوى العالم، مع أعلى عدد من الحالات في شرق آسيا وأمريكا الجنوبية.
تشمل العوامل التي تزيد من خطر الإصابة بسرطان المعدة زيادة الوزن والتدخين والإصابة ببكتيريا الملوية البوابية (H. pylori)، التي قد تُسبب التهابًا وقرحة في المعدة.
تُسبب عدوى الملوية البوابية حوالي 40% من حالات سرطان المعدة في المملكة المتحدة.
محتويات المعدة حمضية، إذ تعمل كمخزن في المرحلة الأولى من معالجة الطعام للهضم.
تُشكل طبقة الخلايا المبطنة للمعدة - الظهارة المعدية - غددًا معدية، أو حفرًا، تحتوي على الخلايا التي قد تُسبب سرطان المعدة.
تكتسب خلايا أجسامنا تغيرات جينية، تُعرف بالطفرات الجسدية، طوال حياتنا.
وبفضل تقنيات تسلسل الحمض النووي الحديثة، أصبح بإمكان الباحثين الآن تحليل هذه الطفرات في الأنسجة الطبيعية وتتبعها مع مرور الوقت، مما يوفر فهمًا أعمق للشيخوخة والمراحل الأولى لتطور السرطان.
في دراسة جديدة، قام باحثو معهد سانجر وزملاؤهم بالتحقيق في الطفرات الجسدية داخل ظهارة المعدة لاستكشاف الانتقال بين الطفرات الطبيعية المرتبطة بالعمر، وتلك التي تؤدي إلى تكوين سرطان المعدة.
قام الفريق بتسلسل كامل الجينومات لـ 238 عينة من أنسجة غدد معدية طبيعية غير سرطانية من معدة 30 شخصًا من هونج كونج والولايات المتحدة والمملكة المتحدة، منهم 18 مصابًا بسرطان المعدة و12 سليمًا.
باستخدام تقنية التشريح المجهري بالليزر، استخدموا الليزر لتشريح الخلايا الفردية ، أو الغدد، بدقة من عينات بطانة المعدة لتسلسل الجينوم.
وجد الباحثون أنه على الرغم من التعرض المنتظم لحموضة المعدة، فإن الطفرات في الغدد المعدية الطبيعية تُحدث بمعدل مماثل لمعظم خلايا الجسم، وهذا يشير إلى أن خلايا ظهارة المعدة محمية من أي آثار سامة لحموضة المعدة.
ومع ذلك، لدى المصابين بسرطان المعدة، أظهرت بعض الغدد في بطانة المعدة الطبيعية غير السرطانية تغيرات تحت المجهر تُشبه المراحل المبكرة من التحول إلى السرطان.
وقد أظهرت هذه الغدد الطبيعية عددًا متزايدًا من الطفرات، مما قد يكون ساهم في بدء الإصابة بسرطان المعدة.
وفي الأنسجة السرطانية، كانت أعداد الطفرات أعلى بكثير، مما يدل على أن سرطانات المعدة تعمل على تسريع الطفرات بشكل كبير في وقت لاحق أثناء تطورها.
من النتائج غير العادية أن بعض خلايا بطانة المعدة تحمل 3 نسخ من كروموسومات معينة - الكروموسومات 13 و18 و20 - تُعرف باسم التثلث الصبغي.
لم يُلاحظ هذا في أنسجة أخرى في دراسات سابقة، مما يشير إلى أنه حالة فريدة في المعدة.
وُجدت حالات التثلث الصبغي مرات عدة لدى بعض الأفراد، ولكنها لم تُلاحظ لدى آخرين، وهذا يعني أن هؤلاء الأفراد ربما تعرضوا لمُطَفِّر خارجي غير معروف.
ووجد الفريق أيضًا أن الطفرات "المحرك" في جينات السرطان، والتي من المعروف أن العديد منها يتعرض للتحور في سرطان المعدة، تشغل ما يقرب من 10% من بطانة المعدة بحلول سن الستين.
تزداد هذه النسبة عندما يعاني المرضى من التهاب مزمن شديد، وهو عامل خطر معروف للإصابة بسرطان المعدة.
ومن ثم، فإن هذا يطرح سؤالا لمزيد من البحث في الآلية التي يزيد بها الالتهاب المزمن من خطر الإصابة بسرطان المعدة.
قال الدكتور تيم كورينز: "من خلال دراسة الطفرات الجسدية في الأنسجة الطبيعية، والتي نكتسبها على مدار حياتنا، يمكننا استكشاف المراحل المبكرة من تطور السرطان، وقد وجدنا أنه على الرغم من التعرض المستمر لمحتويات المعدة الحمضية، فإن بطانة المعدة تكون محمية".
ومع ذلك، نلاحظ لدى المصابين بسرطان المعدة عددًا أكبر من الطفرات في الخلايا الطبيعية، وهو ما يُشبه المراحل المبكرة من سرطان المعدة.
ويُضيف هذا البحث إلى خريطة الطفرات في الجهاز الهضمي، بما في ذلك المريء والمعدة والأمعاء الدقيقة والقولون، لمقارنة معدلات الطفرات وعملياتها في جميع أنحاء الجسم.