أمل جديد لفهم وعلاج آلام الظهر

نجح علماء في ابتكار طريقة لإنشاء أقراص فقرية بشرية عاملة، بهدف إحداث ثورة في فهمنا لآلام الظهر وانحلال الأقراص في قفزة للعلوم الطبية.
استخدم البحث، الذي قاده الدكتور ماثيو جيه كيبل، تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد المتطورة والتي تسمى الطباعة الحيوية لمحاكاة البنية المعقدة وبيئة الأقراص الفقرية البشرية.
وفي دراسة نشرت في مجلة Acta Biomaterialia، كشف الباحثون أن تصلب الأنسجة ومستويات الأكسجين تؤثر بشكل كبير على إنتاج المواد البيولوجية الحيوية، بما في ذلك الكولاجين وحمض الهيالورونيك، بواسطة خلايا القرص البشرية.
وقد تؤدي هذه النتائج في نهاية المطاف إلى تطوير علاجات جديدة لآلام الظهر، وهي حالة تؤثر على مئات الملايين من الناس في جميع أنحاء العالم.

الطباعة الحيوية
الطباعة الحيوية هي تقنية متطورة تستخدم الخلايا الحية والمواد البيولوجية لإنشاء هياكل ثلاثية الأبعاد معقدة تحاكي بدقة بنية الأعضاء البشرية.
وستسمح الأقراص المطبوعة بيولوجيًا الجديدة للعلماء بدراسة كيفية تأثير الظروف المختلفة على سلوك خلايا القرص والمساهمة في انحلال الأنسجة وآلام الظهر.
تعمل معظم الطابعات الحيوية بطريقة مماثلة للطابعات البلاستيكية ثلاثية الأبعاد، حيث تقوم بإخراج المواد من خلال فوهة تحت الضغط لبناء الهياكل.
ومع ذلك، بدلاً من طباعة البلاستيك، تستخدم الطابعات الحيوية الخلايا والحبر الشبيه بالهلام المصنوع من مواد صديقة للخلايا مثل الكولاجين أو السليلوز أو الجيلاتين.
جهّز العلماء الخلايا والمواد اللازمة للطباعة الحيوية، وصمّموا نموذجًا رقميًا لقرص فقري بشري.
في هذه الدراسة، صُنعت الأقراص المطبوعة حيويًا من مواد هلامية تحتوي على الكولاجين ممزوجة بالألجينات، وهو بروتين مشتق من الأعشاب البحرية.
لقد استخدموا طابعات حيوية ثلاثية الأبعاد قادرة على ترسيب أنواع متعددة من الخلايا والمواد، طبقة تلو الأخرى، لإنشاء نماذج متطورة حيث يمكن نمذجة الخصائص البيولوجية والكيميائية والميكانيكية المختلفة للقرص البشري.
تم بعد ذلك تخزين الأنسجة المطبوعة بيولوجيًا في ظروف خاضعة للرقابة حتى تتمكن من النمو والنضج وتطوير وظائفها البيولوجية.
وقال الدكتور ستيفن م. ريتشاردسون، المؤلف المراسل للدراسة: "يمثل هذا العمل خطوة نحو إنشاء نماذج واقعية للأعضاء الكاملة بشكل آلي، ويقربنا من فهم الأسباب الجذرية لانحلال القرص".
وأضاف: "توفر نتائجنا رؤى مهمة حول العوامل التي تؤدي إلى انحلال القرص الفقري وتمهد الطريق لتطوير علاجات تجديدية أكثر فعالية، على سبيل المثال من خلال دمج الخلايا الجذعية".
تم استخدام الطباعة الحيوية لتصنيع نماذج من الأنسجة المختلفة، بما في ذلك الجلد والدماغ والأعصاب والقلب والكلى والأورام.
ومع ذلك، فإن الأعضاء المصممة هندسيًا من الأنسجة العاملة بكامل طاقتها لا تزال على بعد عقود من الزمن؛ وتستخدم النماذج الحالية في الغالب للتحقيق في العمليات البيولوجية في المختبر ولكنها قد تعمل كبدائل للحيوانات المعملية.
وكجزء من أبحاثه للحصول على درجة الدكتوراه في جامعة مانشستر، قام الدكتور كيبل بتطوير الأقراص المطبوعة بيولوجيًا لاستكشاف تأثير تصلب الأنسجة على نوعي الخلايا اللذين يسكنان أجزاء مختلفة من الأقراص الشوكية للبالغين: خلايا النواة اللبية والحلقة الليفية.
في نماذج الأقراص المستقبلية، يخطط العلماء لدمج الخلايا الموجودة في الأقراص السليمة الفتية النامية، إلى جانب الخلايا الجذعية أو الخلايا المعدلة وراثيًا، لإنشاء نماذج أكثر تطورًا للصحة والمرض.
سيمكنهم هذا من فهم كيفية تكوين الأنسجة السليمة، وإمكانية استخدام الخلايا الجذعية لإنتاج أنسجة سليمة وعلاج آلام الظهر.
قال الدكتور كيبل: "يعاني أكثر من 600 مليون شخص حول العالم من آلام أسفل الظهر. وتمثل نماذج الأقراص الفقرية المطبوعة بيولوجيًا لدينا فرصة مثيرة لتطوير علاجات تجديدية أفضل، وقد أظهرت أبحاثنا أن تصلب الأنسجة ومستويات الأكسجين لها تأثير كبير على إنتاج المواد البيولوجية الحيوية".
بُذلت محاولات عديدة لتصميم الأقراص لفهم تركيبها البيولوجي وتطوير نماذج لاختبار علاجات مختلفة أو زرعها في الحيوانات. لكن إلى جانب صعوبة ذلك، فإنه يستغرق وقتًا طويلًا للغاية.
وأضاف كيبل: "إن عملنا يسمح لنا بإنتاج نماذج أقراص وظيفية بيولوجيًا على نطاق واسع وسيسمح لنا بتحقيق التقدم المطلوب بشدة في فهمنا لمرض القرص".