الأحد 18 مايو 2025 الموافق 20 ذو القعدة 1446
المشرف العام
محمود المملوك
مستشار التحرير
د. خالد منتصر
المشرف العام
محمود المملوك
مستشار التحرير
د. خالد منتصر

كيف تؤدي حمى التيفوئيد إلى ظهور أعراض عصبية شديدة؟.. تفاصيل

الإثنين 12/مايو/2025 - 09:36 م
حمى التيفوئيد.. أرشيفية
حمى التيفوئيد.. أرشيفية


يعاني حوالي 15% من مرضى حمى التيفوئيد من مضاعفات عصبية خطيرة، تشمل الهذيان والنوبات، التي يُطلق عليها مجتمعة الاعتلال الدماغي الحاد، ومع ذلك، لا تزال الآليات الدقيقة وراء هذه الآثار المهددة للحياة غير واضحة بشكل كامل.

وفي دراسة حديثة أجرتها جامعة ييل ونشرت في مجلة Nature Microbiology، قدم الباحثون رؤى مهمة حول كيف تتسبب حمى التيفوئيد في الاعتلال الدماغي، حيث أظهروا أن سم التيفوئيد، وهو عامل ضراوة رئيسي تنتجه بكتيريا السالمونيلا التيفية، لا يُسبب ضررًا مباشرًا للخلايا الدماغية كما كان يُعتقد سابقًا، وإنما يستهدف الخلايا البطانية التي تبطن الحاجز الدموي الدماغي (BBB)، مسبّبًا خللاً كبيرًا في الحاجز، يتبع ذلك حدوث أمراض دماغية.

من شأن هذه النتائج أن تساهم في تحسين علاج هذه العدوى المميتة، التي تصيب حوالي 12 مليون شخص سنويًا وتودي بحياة نحو 200 ألف، أغلبهم في الدول الأفقر.

وقال الباحث الرئيسي، خورجي غالان، أستاذ لوسيل ب. ماركي للأمراض الميكروبية وبيولوجيا الخلية في كلية الطب بجامعة ييل: "تُغير نتائجنا نظرة المضاعفات العصبية في حمى التيفوئيد من إصابة مباشرة إلى تلف وعائي في الحاجز الدموي الدماغي". 

وأضاف: "هذا الاكتشاف مهم جدًا لتطوير استراتيجيات علاجية لمظاهر المرض الأكثر خطورة."

تُعدّ حمى التيفوئيد من أقدم الأمراض البشرية المعروفة، وتنتقل عادةً عبر الطعام أو الماء الملوث، وتتميز بأعراض مثل ارتفاع درجة الحرارة والصداع والغثيان، ومع تفاقم الحالة قد تظهر مضاعفات عصبية مهددة للحياة.

وقد حدد فريق غالان سابقًا أن سم التيفوئيد، وهو سم فريد من نوعه بين سموم البكتيريا، يرتبط بشكل خاص بخلايا بشرية تظهر عليها تعديلات سكرية (جليكانات Neu5Ac) على سطوحها، وهي سمة غير موجودة في معظم الثدييات الأخرى.

وفي البداية، افترض الفريق أن السم يهاجم الخلايا العصبية مباشرةً، لكن التجارب على الفئران نفت هذه الفكرة، إذ إن حقن السم مباشرة في الدماغ لم يُظهر أعراضًا عصبية، كما أن الفئران المعدلة وراثيًا لحماية خلاياها العصبية من الارتباط بالسم لم تتجنب الأعراض. وقد لفت غالان إلى أن هذه النتائج كانت مفاجئة جدًا.

وتبين للباحثين أن السم يُسبب ضررًا كبيرًا للخلايا البطانية التي تبطن الحاجز الدموي الدماغي، وهو حاجز يحمي الدماغ من المؤثرات الخارجية. 

أدى هذا الضرر إلى التهاب ووذمة في أنسجة الدماغ، وظهرت أعراض عصبية في نماذج الفئران، بينما الفئران التي عُززت حماية خلاياها من ارتباط السم لم تُظهر أي أعراض.

كما أظهر الفريق أن علاج ديكساميثازون، وهو كورتيكوستيرويد، يخفف بشكل كبير من تلف الحاجز الدموي الدماغي، ويقلل من الالتهاب والوذمة الدماغية.

وفي الختام، أكد غالان أن نتائجهم تدعم بشكل قوي إمكانية استخدام الكورتيكوستيرويدات سريريًا في حالات حمى التيفوئيد الشديدة، مع تقديم أساس قوي لعلاجات تركز على الالتهاب وسلامة الحاجز الدموي الدماغي.