الكشف عن سبب الاعتلال العصبي الشديد بعد الإصابة

الاعتلال العصبي، وهو اضطرابٌ قد يُضعِف فيه تلف الأعصاب الإحساس والحركة، له أسبابٌ عديدة، منها العدوى.
وقد حدد باحثون من المملكة المتحدة تغيراتٍ جينيةً مميزةً في اعتلالٍ عصبيٍّ مُكتَشَفٍ حديثًا، ويعتقدون أن عملهم سيُقدِّم رؤىً ثاقبةً حول الآلية السببية، ولماذا يُصاب بعض الأشخاص الأصحاء سابقًا باعتلالاتٍ عصبيةٍ بعد العدوى، بينما لا يُصاب بها آخرون.
في المؤتمر السنوي للجمعية الأوروبية لعلم الوراثة البشرية، أوضح الدكتور روب هاركنس، كيف تم تنبيه الباحثين إلى حالة طفل في العناية المركزة كان يتمتع بصحة جيدة حتى بلغ سبعة أشهر من العمر.
بعد إصابتها بحمى خفيفة وطفح جلدي، أصبحت شديدة الضعف والوهن، واحتاجت إلى مساعدة في التنفس، وتوفيت قبل أن تبلغ عامها الأول. وقد حدث أمر مماثل لاثنين من إخوتها الأكبر سنًا.
وقال الدكتور هارنكس: "في تلك المرحلة، أجرينا دراسة اكتشاف جينية، حددنا تغيرًا في جين كنا نعتقد أنه من المرجح أن يكون السبب، ولكن بعد حوالي 10 سنوات، حددنا عائلة أخرى مصابة بتغيرات في نفس الجين، ولها تاريخ سريري مشابه - اعتلال عصبي سريع بعد عدوى خفيفة، والآن، نعرف 12 عائلة مصابة بتغيرات في هذا الجين".

متلازمة غيلان باريه
تُشبه الآثار الجسدية الناجمة عن تغيرات هذا الجين تلك التي تُلاحظ لدى مرضى الاعتلال العصبي المعروف باسم متلازمة غيلان باريه، والتي قد تُحفزها أيضًا عدوى، بما في ذلك فيروس إبشتاين بار وبكتيريا كامبيلوباكتر.
قد تبدأ هذه الحالة لدى الأشخاص الأصحاء تمامًا، مما يُسبب لهم ضعفًا في الساقين، والذي قد ينتشر إلى جميع أنحاء الجسم، بما في ذلك صعوبة التنفس.
نأمل أن يُقدم اكتشافنا رؤىً ثاقبة حول الآليات المُسببة للمشكلة.
تُظهر التجارب التي أجريناها على خلايا من مرضى سماتٍ مُشابهة لتلك المُلاحظة في مرض العصبون الحركي (MND)، وقد نتمكن من استخدام المعرفة المُكتسبة في أبحاث مرض العصبون الحركي لمساعدة المرضى المُصابين بهذه الحالة المُحددة حديثًا، والعكس صحيح، كما يقول الدكتور هاركنس.
وأضاف هارنكس: "لسوء الحظ، لا توجد حاليًا استراتيجيات فعالة للوقاية من مثل هذه الاعتلالات العصبية، ولكن فهمنا الأكبر لأسباب هذه الحالات سيكون الخطوة الأولى نحو تطوير العلاجات".
تتيح النتائج الجديدة تشخيصًا سريعًا ودقيقًا بدلًا من إجراء فحوصات طويلة ومكلفة، وستتيح هذه النتائج بالفعل إجراء فحوصات ما قبل الحمل للأفراد المعرضين لخطر إنجاب طفل مصاب، مما يُسهم في تحديد خياراتهم الإنجابية المستقبلية.
منذ أن بدأ الباحثون بالترويج لعملهم، تم تحديد المزيد من العائلات حول العالم، مما دفعهم إلى الاعتقاد بأن هذه الحالة النادرة أكثر شيوعًا مما كانوا يعتقدون في البداية.
ويواصلون عملهم بتصنيع أعصاب من خلايا جلدية تبرع بها أشخاص مصابون، مما يسمح لهم بفهم سبب تأثير هذا الاضطراب على الجهاز العصبي تحديدًا، واختبار علاجات محتملة.
ويقول الدكتور هاركنس: "نحن أيضًا نعكس هذه الدراسات باستخدام ذباب الفاكهة".
كانت فرضيتنا حول حدوث تغيير في جين واحد مسؤول عن هذا الاعتلال العصبي تحديدًا صحيحة، ومع ذلك، لم نتمكن من التنبؤ بالجين الذي سيكون عليه وما دوره.
نعلم الآن أن الجين الذي حددناه أساسي في التحكم بكيفية انتقال البروتينات والأحماض النووية بين نواة الخلية والسيتوبلازم، وهو السائل الجيلاتيني الذي يملأ داخل الخلية، هذه الحركة مُتحكم بها بدقة شديدة، وهي شديدة التأثر بالإجهاد ودرجة الحرارة والعدوى لدى مرضى هذه الحالة، وعندما تُصيب الأعصاب، لا يُمكن إصلاحها.
وقال البروفيسور ألكسندر ريموند: "هذا مثال واضح على تفاعل الجينات مع البيئة، جميعنا نحمل في جينوماتنا تغيرات طفيفة (متغيرات جينية) تُعرّضنا لخطر التغيرات البيئية، وفي هذه الحالة، عدوى محددة".