كيف يؤثر فيروس زيكا على نمو الدماغ في وقت مبكر؟

تُعدّ عدوى فيروس زيكا (ZIKV) مصدر قلق كبير على الصحة العامة، لا سيما بسبب التشوهات الخطيرة التي قد يُسببها في نمو الدماغ لدى الأجنة عند إصابة النساء الحوامل بها.
ومن أخطر نتائجها صغر حجم الرأس، وهي حالة يُظهر فيها حديثو الولادة رؤوسًا صغيرة بشكل غير طبيعي.
لا توجد حاليًا أي علاجات أو لقاحات معتمدة لفيروس زيكا، ويعود ذلك أساسًا إلى أن آليات المرض لا تزال غير مفهومة جيدًا.
حتى الآن، استُخدمت نماذج الفئران لدراسة عدوى فيروس زيكا، إلا أن هذه النماذج تواجه قيودًا كبيرة من حيث عدد الحيوانات المطلوبة، والتحديات التقنية، والتكاليف المرتفعة، والاعتبارات الأخلاقية.
في المعهد الوطني للبحث العلمي (INRS)، جمع البروفيسوران لوران شاتيل-شايكس وكيسن باتن خبراتهما في علم الفيروسات والأمراض العصبية التنكسية، على التوالي، لاستكشاف نموذج بديل لعدوى الحيوانات يعتمد على سمك الزرد.
وقد أدى هذا التعاون إلى رؤى جديدة حول كيفية تأثير فيروس زيكا على الدماغ النامي.

دراسة عدوى فيروس زيكا
بالتعاون مع عائشة سو، قام الباحثون بتطوير نموذج سمكة الزيبرا الذي يسمح لهم بدراسة عدوى فيروس زيكا في المراحل المبكرة من النمو على مستوى الكائن الحي بأكمله، والأنسجة، والخلايا، والجزيئات.
نُشر هذا البحث، الذي يُشكّل جوهر أطروحة الدكتوراه لسو، في مجلة PLOS Pathogens، كما يُخطط الطالب لبدء زمالة ما بعد الدكتوراه في معهد باستور بفرنسا قريبًا.
أداة بحث قوية
وقالت سو: "سمكة الزيبرا نموذجٌ رائعٌ لأن نموها التشريحي يشبه إلى حدٍّ كبير نمو البشر، ولكنه يحدث أسرع بكثير. في غضون 48 ساعة فقط، يُمكننا مراقبة معظم الأعضاء، بما في ذلك الدماغ؛ وهو أمرٌ يستغرق عدة أيام لدى الفئران وشهورًا لدى البشر".
وأضافت: "إنها شفافة بصريًا أيضًا، وتحدث عملية الإخصاب خارج الجسم، مما يسمح لنا بمراقبة نمو الأعضاء في الوقت الحقيقي".
وقال البروفيسور لوران شاتيل تشايكس، المدير العلمي لمختبر الاحتواء المستوى 3: "إنها أداة مذهلة لاستكشاف جوانب المرض التي لا يمكننا ببساطة دراستها في الفئران".
اكتشف الفريق أن فيروس زيكا يُسبب عيوبًا نمائية في يرقات سمك الزرد، تُشبه تلك التي تُلاحظ لدى الثدييات: صغر حجم الرأس، وتلف الخلايا المُكوّنة للدماغ، وتضخم بطينات الدماغ، كما حددوا عيوبًا في أنواع مُحددة من الخلايا العصبية، وفقدانًا للخلايا الجذعية المُولّدة لها.
بروتين مفتاحي
خلال بحثها، أثبتت سو أن التعبير عن بروتين واحد من فيروس زيكا في سمك الزرد يُعيد تمثيل جميع آثار العدوى.
يُعد هذا اكتشافًا هامًا، إذ إنها المرة الأولى التي يُلاحظ فيها هذا الدور لهذا العامل الفيروسي في نموذج فقاري.
يقول البروفيسور كيسن باتن، الذي استخدم سمك الزيبرا لفترة طويلة لدراسة الأمراض البشرية، بما في ذلك الاضطرابات الوراثية والعصبية: "يُعد سمك الزيبرا مفيدًا للغاية في الأبحاث. فهو يسمح لنا باختبار العديد من الأدوية بسرعة وفي وقت واحد، وهو أمر لا يمكننا القيام به مع البشر".
بفضل الشفافية والتطور السريع لسمك الزرد، يستطيع الباحثون مراقبة كيفية تشكل الدماغ عن كثب وكيف يعطل الفيروس هذه العملية.
يُمكّن نموذج سمكة الزرد العلماء أيضًا من دراسة الجينات المرتبطة بالمرض وفهم آلياته على المستوى الخلوي. ومن أهم مزاياه: قدرة الباحثين على العمل مع مئات اليرقات في آنٍ واحد، مما يُؤدي إلى نتائج أكثر دقة وموثوقية.
ويأمل الفريق أن يفتح هذا النموذج آفاقًا جديدة لفهم التأثيرات المدمرة لفيروس زيكا على الدماغ واختبار العلاجات الواعدة.