الإثنين 16 يونيو 2025 الموافق 20 ذو الحجة 1446
المشرف العام
محمود المملوك
مستشار التحرير
د. خالد منتصر
المشرف العام
محمود المملوك
مستشار التحرير
د. خالد منتصر

نموذج ذكاء اصطناعي يكتشف أكثر من 170 نوعًا من السرطان

الأحد 08/يونيو/2025 - 01:35 م
السرطان
السرطان


يُظهر التصوير بالرنين المغناطيسي ورمًا دماغيًا في موقع غير مُلائم، وستُشكّل خزعة الدماغ مخاطر عالية للمريض الذي استشار الأطباء بسبب ازدواج الرؤية.

دفعت حالات كهذه الباحثين في مستشفى شاريتيه الجامعي للطب في برلين إلى البحث عن إجراءات تشخيصية جديدة، والنتيجة هي نموذج ذكاء اصطناعي.

يستخدم النموذج خصائص محددة في المادة الوراثية للأورام، مثل بصمتها الجينية، التي تُحصَل على سبيل المثال من السائل النخاعي، وغيرها.

وكما يوضح الفريق في مجلة "نيتشر كانسر"، يُصنِّف النموذج الجديد الأورام بسرعة وموثوقية عالية.

اليوم، تُعرف أنواعٌ أكثر بكثير من الأورام مقارنةً بالأعضاء التي تنشأ منها.

لكل ورم خصائصه الخاصة: خصائص نسيجية معينة، ومعدلات نمو، وخصائص أيضية.

ومع ذلك، يُمكن تصنيف أنواع الأورام ذات الخصائص الجزيئية المتشابهة معًا. ويعتمد علاج كل مرضٍ بشكلٍ حاسم على نوع الورم.

تستهدف العلاجات الجديدة والموجهة بُنىً معينة من خلايا الورم أو تُعيق مسارات إشاراتها لوقف نمو الأنسجة المرضية، ويمكن اختيار العلاجات الكيميائية وفقًا لنوع الورم، وتعديل جرعتها وفقًا لذلك. وفي حالات الأورام النادرة، قد يكون من الممكن تطوير علاجات مبتكرة كجزء من الدراسات.

وفي هذا السياق، قال البروفيسور مارتن إي. كريس، كبير المسؤولين الطبيين في شاريتيه: "في ظل التطور السريع والمتزايد في طب السرطان، فإن التشخيص الدقيق في مركز الأورام المعتمد هو الطريق إلى العلاج الناجح".

في حين أن التحليل الجزيئي والخلوي والوظيفي الشامل للورم، بناءً على عينات الأنسجة، يوفر المعلومات اللازمة، إلا أن الأطباء يواجهون أيضًا حالاتٍ يستحيل فيها استخراج عينات الأنسجة من الورم، أو يكون ذلك محفوفًا بالمخاطر، علاوةً على ذلك، حتى الفحص النسيجي وحده لا يكفي لتقديم تشخيص دقيق كنموذج الذكاء الاصطناعي الجديد.

النظرإلى الجينوم بدلا من الأنسجة

وُضعت طريقة لتوصيف أورام الدماغ لا تعتمد على التشخيص المجهري التقليدي، بل على تعديلات المادة الوراثية للورم، أي الخصائص فوق الجينية.

تُشكّل هذه الخصائص جزءًا من ذاكرة كل خلية، وتُحدد أي أجزاء من المعلومات الوراثية تُقرأ ومتى.

وقال الدكتور فيليب أوسكيرشن، الذي يرأس الدراسة: "تعمل مئات الآلاف من التعديلات الجينية كمفاتيح تشغيل وإيقاف لأجزاء الجينات الفردية. وتشكل أنماطها بصمة فريدة لا لبس فيها".

في الخلايا السرطانية، تتغير المعلومات الجينية بطريقة مميزة. بناءً على خصائصها، يمكننا التمييز بين الأورام وتصنيفها.

وفي حالة أورام المخ، قد تكون عينة من السائل النخاعي كافية في بعض الحالات، ويمكن الحصول عليها بسهولة نسبية، مما يغني عن إجراء الجراحة على الإطلاق.

لمقارنة بصمة مجهولة بآلاف البصمات المعروفة لأنواع مختلفة من السرطان، وتحديد نوعها، يلزم استخدام أساليب التعلم الآلي، أي الذكاء الاصطناعي، نظرًا لكثرة البيانات وتعقيدها.

علاوة على ذلك، طُبقت في الماضي أساليب مختلفة لتسلسل الحمض النووي. إضافةً إلى ذلك، عادةً ما تقتصر التحليلات فوق الجينية على أنماط وأجزاء جينية محددة، وهي سمة مميزة لأنواع الأورام المختلفة.

يقول عالم المعلومات الحيوية الدكتور سورين لوكاسين: "كان هدفنا هو تطوير نموذج يصنف الأورام بدقة، حتى لو كانت تستند فقط إلى أجزاء من جينوم الورم بأكمله أو تم جمع الملفات الشخصية بواسطة تقنيات مختلفة ودرجات متفاوتة من الدقة".

يُطلق على نموذج ذكاء اصطناعي مُطوَّر حديثًا اسم crossNN، وتعتمد بنيته على شبكة عصبية بسيطة.

دُرِّب النموذج على عدد كبير من الأورام المرجعية، ثم اختُبر على أكثر من 5000 ورم.

يقول أوسكيرشن: "يسمح نموذجنا بتشخيص دقيق للغاية لأورام المخ في 99.1% من جميع الحالات وهو أكثر دقة من حلول الذكاء الاصطناعي المستخدمة حتى الآن".

وأضاف: "تمكنا من تدريب نموذج ذكاء اصطناعي بنفس الطريقة، قادر على التمييز بين أكثر من 170 نوعًا من الأورام في جميع الأعضاء، بدقة تصل إلى 97.8%، وهذا يعني أنه يمكن استخدامه لعلاج سرطانات جميع الأعضاء، بالإضافة إلى أورام الدماغ النادرة نسبيا".

العامل الحاسم في الموافقات المستقبلية في التطبيقات السريرية هو أن النماذج قابلة للتفسير بالكامل، أي أنه يجب أن يكون من الممكن فهم كيفية التوصل إلى القرارات.

يمكن أن تنبع البصمة الجزيئية التي يستقبلها نموذج الذكاء الاصطناعي للتحديد من عينة نسيجية أو من سوائل الجسم.

في حالة أورام دماغية محددة، يُقدم قسم أمراض الأعصاب في شاريتيه بالفعل تشخيصًا غير جراحي يعتمد على السائل النخاعي، المعروف باسم الخزعة السائلة.

يسمح هذا بالتشخيص دون جراحة مُرهقة، حتى في الحالات الصعبة. كان المريض الذي استشارنا وهو يعاني من ازدواج الرؤية أحد المستفيدين.

فحصنا السائل الدماغي الشوكي باستخدام تقنية تسلسل النانوبور، وهي طريقة جديدة وسريعة وفعالة للتحليل الجيني.

كشف تصنيف نماذجنا عن وجود ورم لمفي في الجهاز العصبي المركزي، مما مكّننا من البدء الفوري بالعلاج الكيميائي المناسب، كما يوضح أوسكيرشن.

حتى دقة المنهجية فاجأت الباحثين، حيث يقول لوكاسن: "على الرغم من أن بنية نموذج الذكاء الاصطناعي لدينا أبسط بكثير من المناهج السابقة، وبالتالي تبقى قابلة للتفسير، إلا أنها توفر تنبؤات أكثر دقة، وبالتالي يقينًا تشخيصيًا أكبر".