اكتشاف طفرة جينية تؤخر ظهور مرض الزهايمر

وفقًا لدراسة أجراها باحثون في كلية طب وايل كورنيل، فإن طفرة جينية نادرة تُؤخر ظهور مرض الزهايمر، وذلك عن طريق تثبيط الإشارات الالتهابية في الخلايا المناعية المقيمة في الدماغ.
تُضاف هذه النتيجة إلى الأدلة المتزايدة على أن التهاب الدماغ عامل رئيسي في الاضطرابات العصبية التنكسية مثل الزهايمر، وأنه قد يكون هدفًا علاجيًا رئيسيًا لهذه الاضطرابات.
وفي الدراسة التي نشرت في مجلة المناعة، فحص الباحثون آثار الطفرة APOE3-R136S ـ المعروفة باسم "طفرة كرايستشيرش" ـ والتي وجد مؤخرا أنها تؤخر ظهور مرض الزهايمر الوراثي المبكر.
أظهر علماء طب وايل كورنيل أن الطفرة تُثبِّط مسار cGAS-STING، وهو مسار إشارات مناعية فطرية يُنشَّط بشكل غير طبيعي في مرض الزهايمر وغيره من الأمراض العصبية التنكسية.
ووجد الباحثون أن حجب مسار cGAS-STING دوائيًا باستخدام مثبط شبيه بالأدوية يُحاكي التأثيرات الوقائية الرئيسية للطفرة في نموذج ما قبل السريري.
قال الدكتور لي جان، المؤلف الرئيسي للدراسة: "هذه دراسة مثيرة للاهتمام لأنها تشير إلى أن تثبيط مسار cGAS-STING يمكن أن يجعل الدماغ أكثر مقاومة لعملية الزهايمر، حتى في مواجهة تراكم كبير لبروتين تاو".

تحديات مرض الزهايمر
لطالما تحدى مرض الزهايمر، الذي يصيب ما لا يقل عن 7 ملايين بالغ في الولايات المتحدة، الجهود العلمية لفهم أسبابه وتطوير علاجات فعالة. تشير الأدلة المتزايدة إلى أن بروتين تاو - وليس الأميلويد - هو العامل الرئيسي للتنكس العصبي والتدهور المعرفي.
ولا يزال فهم العوامل التي تحدد قابلية الفرد لسمية تاو أو مقاومته لها غير واضح.
وتُقدم طفرة كرايستشيرش، التي تحمي من أمراض تاو والتدهور المعرفي على الرغم من تراكم الأميلويد بكثافة، دليلاً مهماً.
وُجدت هذه الطفرة النادرة في جين APOE المُشفِّر لبروتين نقل الكوليسترول (أبوليبوبروتين E)، وقد اكتُشِفَت لأول مرة في مختبر بمدينة كرايستشيرش، نيوزيلندا.
في عام 2019، أفاد علماءٌ يدرسون عائلةً كولومبيةً مُصابةً بمرض الزهايمر الوراثي المُبكِّر، والذي يُصيب عادةً في سن الخمسين، أن إحدى أفراد العائلة، التي تحمل نسختين من طفرة كرايستشيرش، حافظت على صحتها الإدراكية حتى السبعينيات من عمرها.
على الرغم من ارتفاع مستوى الأميلويد في دماغها، أظهرت مستويات منخفضة من بروتين تاو. وقد أكدت أبحاث لاحقة، أُجريت معظمها على نماذج الفئران، الآثار المفيدة لطفرة كرايستشيرش، لكن الباحثين ما زالوا غير متأكدين من كيفية توفيرها للحماية.
في الدراسة الجديدة، عدّل فريق الدكتور جان طفرة كرايستشيرش في جين APOE لدى الفئران التي يُصاب أفرادها بتراكم بروتين تاو، ووجدوا أنها تحمي الحيوانات من أعراض الزهايمر المميزة، بما في ذلك تراكم بروتين تاو، وتلف المشابك العصبية، واضطرابات نشاط الدماغ.
وقد عُزيت هذه التأثيرات الوقائية إلى تثبيط مسار cGAS-STING، وهو مسار إشارات مناعية فطرية يُنشَّط عادةً استجابةً لتهديد فيروسي، ولكنه يُنشَّط بشكل مزمن في مرض الزهايمر.
وقال الدكتور نجيب: "إننا نشعر بالتشجيع بشكل خاص لأن هذه الطفرة تعمل على تحسين المرض على مستوى وظائف المخ، وهو ما لم يتم إثباته من قبل".
اكتشف الدكتور جان وزملاؤه أن الآلية الوقائية لطفرة كرايستشيرش تُعزى بشكل كبير إلى ترويض الخلايا الدبقية الصغيرة، وهي خلايا مناعية مقيمة في الدماغ. لطالما اعتُبرت هذه الخلايا وحالتها الالتهابية في مرض الزهايمر عوامل محتملة لتطور المرض.
عندما عالج الباحثون الفئران المصابة باضطرابات تاو باستخدام مثبط جزيئي صغير لإشارات cGAS-STING، لاحظوا تأثيرات تحمي المشابك العصبية وتغيرات جزيئية في خلايا الدماغ تشبه إلى حد كبير تلك التي لوحظت مع الطفرة الوقائية.
مع وجود أدلة متزايدة على أن إشارات cGAS-STING تساهم في تطور المرض، يستكشف الفريق الآن دورها في الاضطرابات العصبية التنكسية الأخرى ويختبرون مثبطات على نماذج حيوانية مختلفة لهذه الاضطرابات.
قال الدكتور جان: "لا يمكننا هندسة طفرة كرايستشيرش النادرة في البشر لمنع الإصابة بمرض الزهايمر، ولكن استهداف نفس المسار الذي تعدل فيه - cGAS-STING - يمكن أن يقدم استراتيجية علاجية جديدة لمرض الزهايمر، وربما حالات عصبية تنكسية أخرى".