هل هناك أصول وراثية مرتبطة بخطر الإصابة بحمى الضنك الشديدة؟

لأول مرة، تم ربط التباين الشديد في حمى الضنك بآلية بيولوجية، مما قد يفتح الأبواب أمام علاجات ولقاحات جديدة للمرض الأكثر شيوعا الذي ينقله البعوض في جميع أنحاء العالم.
نُشرت الدراسة في مجلة وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم بواسطة باحثين من جامعة بيتسبرغ، ومركز UPMC، ومعهد أجيو ماجالهايس في البرازيل.

تفشي حمى الضنك
شهدت حالات حمى الضنك، المعروفة باسم "حمى كسر العظام" نظرًا لألم المفاصل المبرح الذي يُعدّ السمة المميزة للمرض، ارتفاعًا في جميع أنحاء العالم في السنوات الأخيرة.
أكثر من نصف سكان العالم معرضون لخطر الإصابة.
قالت الدكتورة بريسيلا كاستانها، المؤلفة الرئيسية للدراسة: "هناك حاجة ملحة لتحسين الوقاية والعلاج لهذا التهديد العالمي، يمكن أن تؤدي فاشيات حمى الضنك بسرعة إلى إرهاق المستشفيات المحلية".
يختلف مسار المرض اختلافًا كبيرًا من شخص لآخر. فبعض المصابين لا تظهر عليهم أعراض، بينما يعاني آخرون من أعراض حمى الضنك المؤلمة الشبيهة بأعراض الإنفلونزا، ثم يتعافون في غضون أيام أو أسابيع.
وقال المؤلف الرئيسي الدكتور سيمون بارات بويز: "5% يعانون من نزيف خطير وصدمة وفشل في الأعضاء - ويمكن أن يصابوا بمرض خطير في غضون يومين".
في هذه الدراسة، استخدم الفريق نموذجًا طوّروه باستخدام عينات من جلد بشري تبرع بها أفراد خضعوا لجراحات تصغير جلد اختيارية بعد فقدان وزن كبير، ووافق المشاركون على التبرع بأنسجتهم لهذه الدراسة.
وقال بارات بويز: "لقد استخدمنا الجلد لأنه عضو مناعي وخط الدفاع الأول للجسم ضد عدوى حمى الضنك".
وأضاف أنه عندما يتم الحفاظ عليها في بيئة مناسبة، فإن عينات الأنسجة المستخدمة في هذا النموذج يمكن أن تبقى على قيد الحياة وتؤدي وظائفها المناعية الطبيعية لعدة أيام، مما يوفر فرصة فريدة للدراسة العلمية، لأن الجلد هو المكان الذي تبدأ فيه القصة مع جميع الأمراض التي ينقلها البعوض".
ركزت الدراسة على عينات من أفراد عرّفوا أنفسهم بأنهم من أصول أوروبية أو أفريقية. أولًا، قام الباحثون بقياس الأصول الجغرافية للأسلاف المسجلة في الحمض النووي لعينات الجلد بشكل موضوعي، وذلك من خلال تحليل العلامات الجينية المعروفة باسم تعدد أشكال النوكليوتيدات المفردة.
ثم قام الفريق بحقن كل عينة بفيروس حمى الضنك ، وراقب الاستجابات المناعية اللاحقة للعينات على مدى فترة 24 ساعة وقارنوها.
وجد الفريق أن الاستجابة الالتهابية كانت أكبر بكثير في جلد الأشخاص ذوي النسب الأعلى من الأصول الأوروبية. وللأسف، في حالات حمى الضنك الشديدة، تكون هذه الاستجابة المناعية عرضة لـ"النيران الصديقة".
يصيب الفيروس الخلايا الالتهابية، ويجنّدها لنشر العدوى بدلًا من مكافحتها. ويُعتقد أن هذه الديناميكية هي السبب وراء الضرر الكبير للأوعية الدموية والأعضاء في الحالات الشديدة من حمى الضنك.
في العينات المأخوذة من متبرعين من أصول أوروبية، لاحظ الفريق هذه النيران الصديقة وهي تعمل، حيث حشدت الخلايا النخاعية لمواجهة الفيروس، ثم أصيبت هي الأخرى بالعدوى، ثم انتقلت الخلايا المتحولة من الجلد وانتشرت في الطبق - على غرار طريقة انتشارها داخل الجسم، منتقلةً عبر مجرى الدم إلى العقد الليمفاوية.
أظهر الفريق أيضًا أن المشكلة لم تكن في الجلد نفسه، بل في الاستجابة الالتهابية. في العينات المأخوذة من أفراد ذوي نسب أعلى من أصول أفريقية، أضاف الباحثون جزيئات التهابية تُسمى السيتوكينات، وتبع ذلك رد فعل إيجابي، ثم عندما حجب الفريق الالتهاب داخل تلك العينات نفسها، انخفض معدل إصابة الفيروس في الخلايا بشكل حاد.
"من المنطقي أنه في أجزاء من العالم حيث تعرضت الشعوب القديمة لفيروسات قاتلة ينقلها البعوض - مثل الفيروس الذي يسبب الحمى الصفراء، والذي يرتبط بفيروسات حمى الضنك وكان موجودًا لفترة طويلة جدًا - كان لدى أولئك الذين لديهم استجابة التهابية محدودة ميزة"، كما قال بارات بويز.
ويأمل المؤلفون أنه في نهاية المطاف، يمكن استغلال الآلية التي حددوها في أساليب الطب الدقيق في أمور مثل تقييم المخاطر، والفرز في حالة تفشي المرض، والعلاجات واللقاحات.