الأسباب الميكانيكية في آلام الفقرات العنقية

آلام الفقرات العنقية من الشكاوى الشائعة والشهيرة ومن أهم أعراضها آلم يتفاقم في الرقبة، تشنج وتقلص العضلات وضعف القدرة علي تحريك الرقبة في المدي الحركة الطبيعي، الصداع وقد ينتهي الحال إلى ألم وخدر، أو ضعف الحركة في الذراعين أو اليدين ومن أهم أسبابها الالتهاب المفصلي التهاب العضلات الانزلاق الغضروفي.

وهنا سنتكلم عن بعض الأسباب الميكانيكية mechanical faults  التي قد تنتج عن الوضعية غير السليمة للجسم مثل الانحناء على طاولة العمل أو الكمبيوتر أو القيادة إلخ.

انحناء الرأس للأمام Forward head posture

لأن الرقبة هي التي تحمل وزن الرأس فهي تتعرض لخطر الإجهاد العضلي، فإذا كانت وضعية الرأس على الاكتاف شبه عمودية أي أنها في الوضعية الصحيحة؛ فيكون الاجهاد أقل، أما إذا كانت الرأس مائلة للأمام فإن عضلات الرقبة تتعرض للإجهاد المفرط، حيث أشارت الخطوط الاسترشادية لجمعية الأبتا الأمرييكية APTA guidelines أن وزن الرأس في الوضعية الصحيحة هو 12 رطلا، أما إذا كانت الرأس مائلة للأمام فيكون الوزن 32 رطلا، وقد يزيد إلى 42 رطل في حالة الميل الزائد، ومن هنا نستطيع أن ندرك أن عضلات الرقبة قد تتعرض لأربعة أضعاف الإجهاد في حال ما إذا كانت وضعية الرأس على الرقبة خاطئة، وهذا يتحمله الجزء الخلفي من عضلات الرقبة مسببا آلامًا مبرحة وينتج عنه ضعف شديد في عضلات الرقبة الأمامية Deep neck flexors واجهاد شديد في عضلات الرقبة الخلفية Neck extensors
وهنا ياتي دور العلاج الطبيعي في وضع برنامج علاجي يستوجب إصلاح الوضعية الخاطئة للجسم  Postural correction  مع تقوية العضلات الأمامية وتهدئة العضلات الخلفية لاستعادة التوازن العضلي علي مستوي الرقبة  Muscle balance وكلما كان العلاج في البداية كانت النتائج عظيمة وتفادينا مشاكل كبيرة وخطيرة، مثل: النزلاق الغضروفي العنقي العنيف الذي ينتهي به الحال إلي العلاج الجراحي.

دوران الاكتاف للامام Rounded shoulders 

وهو تكملة لسلسلة الأوضاع الخاطئه حيث يتم دوران الاكتاف للامام مما يؤدي إلى قصر وتقلص في عضلات الصدر الأمامية Pectoral muscles وضعف شديد في العضلة شبه المنحرفة والعضلة المعينية Trapezius and rhombpids muscles وبما أن هذه العضلات تكون ضعيفة فإن قدرتها على التحمل تقل مما يعرضها للإجهاد السريع، مسببة آلاما مبرحة خاصة الجزء العلوي من العضله شبه المنحرفة حيث إن لها اتصالا مباشرا بالفقرات العنقية ويعتمد دور العلاج الطبيعي على تمرينات الاستطالة لعضلات الصدر، وتقوية العضلات شبه المنحرفة والمعينية لاستعادة التوازن العضلي ورفع قدرتها على التحمل هذا بالإضافة إلى وسائل العلاج الطبيعي الأخرى مثل الكمادات الساخنة والموجات التصادمية والصوتية والليزر وغيرها.

حداب الظهر kyphosis 

وهو تكملة لسلسلة الأوضاع الخاطئة، وفيه يتم انحناء الجزء العلوي من الظهر للأمام على نحو زائد، وكما هو معروف فإن العمود الفقري يتكون من فقرات متتالية بانتظام، حيث إن كل فقرة تتصل بالأخرى عن طريق مفصلين هامين هما Facet joints وهما اللذان يسمحان بالحركة في العمود الفقري في جميع الاتجاهات، وهنا تكمن المشكلة حيث إن تحدُّب الظهر يؤثر على تناسق الحركة بين الفقرات الصدرية والعنقية حيث تقل الحركه في الاتجاه الخلفي للفقرات الصدرية وبالتبعية فإنه يؤثر على حركة الفقرات العنقية، مما يؤثر على امتصاص الصدمات Shock absorption الناتجة من وزن الرأس على الرقبة مسببًا آلاما شديدة وتقلصًا في العضلات المحيطة.

 ويكفي أن نقول أن الخطوط الاسترشادية لجمعية الأبتا الأمريكية قد أوصت بوجوبية استعادة المدى الحركي الطبيعي على مستوى الفقرات الصدرية Dorsal mobilizations واستعادة الانحناء الطبيعي للفقرات الصدرية والعنقية لاستعادة القدرة على امتصاص الصدمات بشكل طبيعي، وهذا البرنامج العلاجي معروف لكل أخصائيِّي العلاج الطبيعي. 

تجنح لوح الكتف Winging scapula 

وهو عبارة عن بروز أحد لوحي الكتف إلى الخارج، مسببًا آلاما في الكتف والعنق والظهر، ومن أهم أسبابه ضعف العضلة المنشارية Serratus anterior وهذه العضلة لها دور كبير في دوران عظمة اللوح لأعلى أثناء رفع الكتف، ولكي تتم هذه الحركة الدورانية لا بد أن تقوم العضلة المنشارية والعضلة شبه المنحرفة بانقباض عضلي متساوٍ في ذات اللحظة، وبما أن العضلة المنشارية ضعيفة فإن العضلة شبه المنحرفه تتعرض لإجهاد عنيف في هذه الحالة، مسببة آلاما مبرحة على مستوى الكتف والعنق، وهنا يأتي دور العلاج الطبيعي في وضع برنامج علاجي يستوجب تقوية العضلة المنشارية وبعض العضلات المساعدة لها في هذه الحركة، وتمرينات استطالة وتهدئة للعضلة شبه المنحرفة، والعضلات الأخرى المتقلصة، هذا مع بعض وسائل العلاج الطبيعي الأخرى مثل الكمادات الساخنة والموجات الصوتية والتصادمية والليزر إلخ.
وخلاصةُ القول إن الالتزام بالأوضاع الصحيحة في أثنا ءالعمل والأنشطة اليومية هام وضروري، وقد يقينا من مشاكل كبيرة يصعب حلها إلا بالتدخل الجراحي، كما هو الحال في الانزلاق الغضروفي العنقي العنيف.