كيف يعمل الفضول على تشكيل ذاكرتنا المكانية؟

يكشف الواقع الافتراضي أن الفضول هو المفتاح في تشكيل ذاكرتنا المكانية وتكوين خريطتنا الذهنية، وفقًا لنتائج بحث جديد أجرته جامعة كارديف ورويال هولواي، جامعة لندن.
وباستخدام الواقع الافتراضي لتشجيع الناس على استكشاف الغرف الافتراضية، تمكن الباحثون لأول مرة من اكتشاف العلاقة بين التغيرات اللحظية في الفضول وتطور الخرائط المعرفية - إنشاء تمثيلات ذهنية للبيئات المادية.
يُعتقد أن الخرائط المعرفية، التي تُمثل بيئتنا ذهنيًا، تنبثق من فضولنا لاستكشاف مساحات جديدة.
ومع ذلك، لم تُختبر العلاقة المباشرة بين مدى فضولنا تجاه مساحة معينة وطريقة استكشافنا لها من قبل، وفقًا للدكتور ماتياس جروبر، الباحث الرئيسي.
في الدراسة، استكشف المشاركون 16 غرفة افتراضية مميزة، مصممة لتشجيعهم على الاستكشاف، وشُجِّعوا على استكشاف الغرف دون قيود زمنية .
تم تسجيل مستويات فضول المشاركين لحظة بلحظة، وتقييم فضولهم قبل دخول غرف الواقع الافتراضي، وطُلب منهم لاحقًا إكمال اختبار ذاكرة لتقييم ذاكرتهم المكانية.
نُشرت الدراسة في مجلة علم نفس الاتصالات.
وجد الباحثون أنه كلما زاد فضول الأشخاص قبل استكشاف بيئة معينة، زاد ميلهم لاستكشافها، كما وجدوا أنه كلما زادت إثارة اهتمام الأشخاص بالغرفة، زاد تفاعلهم البصري معها.
إلا أن الفروق الفردية لعبت دورًا هامًا في كيفية ارتباط الفضول بالاستكشاف المكاني.

قال الدكتور جروبر: "أظهر الأشخاص الذين يجيدون التعامل مع التوتر عمومًا تأثيرًا أقوى للفضول على الاستكشاف، فقد تفاعل هؤلاء الأشخاص مع فضولهم بشكل أكبر، مما أدى إلى المزيد من الاستكشاف، في حين أن الأشخاص الأقل تحملًا للتوتر لم يتفاعلوا مع فضولهم بنفس القدر، وتشير هذه النتائج إلى أن قدرة الشخص على التعامل مع عدم اليقين تعزز الصلة بين الفضول والاستكشاف".
الفضول شرارة الاستكشاف، حيث يكشف بحثنا عن أمر مثير للاهتمام، راحة الناس في مواجهة عدم اليقين، وقدرتهم على تحمل التوتر، يعززان قوة الفضول في تحفيز الاستكشاف.
تقترح هذه النتائج طرقًا جديدة لتصميم بيئات تشجع الناس على تقبّل المجهول.
كلما كان الأشخاص أكثر فضولًا، وكلما استكشفوا تصميم غرف الواقع الافتراضي، كان أداؤهم أفضل في مهمة الذاكرة.
ويعتقد الباحثون أن هذه النتائج تسلط الضوء على كيفية تحفيز الفضول للاستكشاف ومساعدتنا في بناء خرائط ذهنية للعالم من حولنا.
يقول جروبر: "هذه هي المرة الأولى التي يُثبت فيها أن حالات الفضول تُعزز الاستكشاف المكاني وتكوين الخرائط الذهنية، إن فهم تأثير الفضول على الاستكشاف البشري له آثار عملية على العمارة والتخطيط الحضري والمتاحف وتصميم الألعاب، فمن خلال تسخير الفضول، يُمكننا تشجيع الاستكشاف والذاكرة بشكل إيجابي في بيئات العالم الحقيقي أو الافتراضي.
وأضاف: "في هذا البحث، سمح لنا الواقع الافتراضي بتوسيع فهمنا لكيفية تأثير التغيرات اللحظية في الفضول الظرفي على عالمنا الداخلي وكيفية إدراكنا وتذكرنا لعالمنا الخارجي".
قال الدكتور كارل هودجيتس، من كلية رويال هولواي بجامعة لندن: "اللافت للنظر في هذه النتائج أنها لم تكن مدفوعة بمستوى فضول الشخص العام، بل بكيفية تقلب هذا الفضول من لحظة لأخرى، وهذا له آثار مثيرة على تصميم مساحات وبيئات تعليمية واقعية لتعزيز التفاعل وإلهام التعلم".