يرفع الجمعة... لدراسة الفيروس القاتل.. ابتكار أول شريحة لفيروس حمى الضنك

مرضٌ فتّاكٌ آخذٌ في الازدياد: حمى الضنك، وهو فيروسٌ ينقله البعوض، يصيب الملايين بالفعل، وينتشر بشكلٍ متزايدٍ بسبب تغير المناخ.
ورغم تزايد خطره، يصعب دراسة حمى الضنك لدى الحيوانات، بل ويصعب علاجها.

جهاز صغير
والآن، طوّر باحثون في جامعة لايدن، بقيادة الباحث الرئيسي علي رضا مشاغي، أداةً رائدةً: أول نموذجٍ على الإطلاق لمرض فيروس حمى الضنك مُثبّت على رقاقة.
هذا الجهاز الصغير، لكن القوي، يحاكي سلوك المرض في جسم الإنسان، مما يفتح آفاقًا جديدة لفهم حمى الضنك ومكافحتها.
يقول مشاغي: "أدركتُ أنه لا يوجد نموذج عضوي واحد على رقاقة لحمى الضنك. لذلك قررنا صنع واحد".
باستخدام تقنية زراعة الأعضاء على رقاقة، أعاد الفريق خلق ظروف مرض فيروس حمى الضنك.
سمح لهم ذلك بدراسة المرض على المستوى الخلوي، وخاصةً أخطر آثاره: الصدمة النزفية، التي قد تسبب نزيفًا حادًا وفشلًا عضويًا.
نُشر هذا العمل في مجلة ACS Biomaterials Science & Engineering.
يقول ماشاغي: "وجدنا أن الخصائص الميكانيكية للخلايا البطانية، تلك التي تبطن أوعيتنا الدموية، تتغير أثناء الإصابة بحمى الضنك، وهذا يُعطل تماسك الأوعية الدموية، مما يُسبب تسرب الدم".
يوضح مشاغي أن الميكانيكا، ولفترة طويلة، كانت حلقة مفقودة في كل من الطب وأبحاث الفيروسات.
وقال: "الآن ندرك مدى أهميتها. تساعد الميكانيكا في تفسير كيفية تغير الأمراض للجسم - ليس كيميائيًا فحسب، بل جسديًا أيضًا".
يُعدّ هذا النهج متعدد التخصصات، الذي يجمع بين علم الفيروسات وعلم الأحياء الخلوية والهندسة الحيوية، ذا قيمة خاصة في مجال تطوير الأدوية، حيث تكون التكاليف ومعدلات الفشل مرتفعة.
يمكن لنموذج كهذا أن يُساعد في اختبار العلاجات بشكل أسرع وأرخص وأكثر أخلاقية من الدراسات على الحيوانات.
تنتشر حمى الضنك بسرعة، فارتفاع درجات الحرارة والرطوبة يُساعدان البعوض على الوصول إلى مناطق جديدة.
يقول مشاغي: "حمى الضنك من أسرع الأمراض الفيروسية انتشارًا في العالم. إنها مرضٌ مستقبليٌّ يُسبّبه تغيّر المناخ".
يُعرّض هذا الفيروس أكثر من 3.9 مليار شخص للخطر سنويًا في 129 دولة. يُصاب حوالي 96 مليون شخص بالمرض، ويموت 40 ألفًا.
يعمل الفريق بالفعل على الخطوة التالية: نمذجة كيفية تأثير حمى الضنك على الجلد، أول عضو يتفاعل معه الفيروس بعد لدغة البعوض.
يوضح مشاغي: "يتأثر الجلد بشدة بدرجة الحرارة الخارجية، نريد أن نرى كيف تؤثر التغيرات في الحرارة والرطوبة على الاستجابات المناعية في الجلد".
الهدف هو تطوير شريحة إلكترونية قابلة للتعريض لظروف مناخية مختلفة لدراسة سلوك الخلايا المناعية.
قد يكشف هذا عن مراحل مبكرة من العدوى، وكيف يمكن للمناخ أن يغيرها.
يقول مشاغي: "بدمج الآليات في علم الفيروسات، ندفع هذا المجال إلى الأمام، من المثير للاهتمام أن نرى إلى أي مدى يمكننا الوصول من خلال دمج التخصصات المختلفة".