الجمعة 02 مايو 2025 الموافق 04 ذو القعدة 1446
المشرف العام
محمود المملوك
مستشار التحرير
د. خالد منتصر
المشرف العام
محمود المملوك
مستشار التحرير
د. خالد منتصر

لقاح جديد لعلاج البكتيريا الضارة في الأمعاء

الثلاثاء 29/أبريل/2025 - 11:33 ص
 البكتيريا الضارة
البكتيريا الضارة


تُعد مسألة البكتيريا المعوية مسألةً معقدة، فمن جهة، يعتمد الناس على الكائنات الدقيقة لأنها المسؤولة عن هضم الطعام، ومن جهة أخرى، توجد العديد من مسببات الأمراض بين البكتيريا.

بعض هذه الجراثيم قد تُسبب الإسهال، بينما يعتمد بعضها الآخر على الظروف: فقد تعيش في الأمعاء دون أن تُلاحظ لفترة طويلة، لكنها تُصبح خطيرة إذا ضعف جهاز المناعة، أو تضرر جدار الأمعاء ، أو دخلت الدم عبر الجروح. هذا قد يُؤدي إلى تسمم الدم أو التهاب الأعضاء المُهدد للحياة.

منذ زمن طويل، يبحث العلماء عن لقاحات ضد الميكروبات المسببة للأمراض في الأمعاء، وخاصةً تلك التي أصبحت المضادات الحيوية غير فعالة ضدها بسبب مقاومتها، إلا أن هذه المهمة ليست سهلة، لأن الجهاز المناعي للأمعاء يعمل بشكل مختلف عن باقي أعضاء الجسم، ولم يتمكن العلم بعد من فك شفرة الجهاز المناعي المعوي بشكل كامل.

مزيج فعال

تقوم إيما سلاك، أستاذة في المعهد الفيدرالي السويسري للتكنولوجيا في زيوريخ وكلية السير ويليام دان لعلم الأمراض بجامعة أكسفورد، بإجراء أبحاث في هذا المجال.

وقد أثبتت الآن، بالتعاون مع ميدريك ديارد، الأستاذ في مركز بيوزنتروم بجامعة بازل، وفريق دولي من الباحثين، كيف يمكن صياغة لقاحات فموية فعالة للغاية ضد مسببات الأمراض المعوية: أي ليس فقط عن طريق إعطاء اللقاح ولكن أيضًا عن طريق دمجه مع البكتيريا غير الضارة التي تتنافس مع الميكروبات المسببة للأمراض على الغذاء وبالتالي تجوعها.

وأثبت الباحثون ذلك في دراسة أجريت على الفئران ونشروها في مجلة ساينس.

بفضل نهجهم المشترك، تمكّن الباحثون ليس فقط من منع استعمار السالمونيلا في الفئران، بل أيضًا من مكافحة بكتيريا الإشريكية القولونية المستوطنة بالفعل بفعالية.

في كلتا الحالتين، كان للتطعيم أو البكتيريا غير الضارة وحدها تأثير أقل بكثير.

ولكي تتمكن السلالات المتنافسة من التنافس بنجاح مع الميكروبات المسببة للأمراض، فمن الأهمية بمكان أن تنمو في ظل ظروف متشابهة قدر الإمكان، أي يجب أن تعيش في نفس قسم الأمعاء، وأن تكون قادرة على التعامل مع نفس مستوى الحموضة والأكسجين، واستخدام نفس العناصر الغذائية.

اختار الباحثون أو أنتجوا سلالات منافسة مناسبة بناءً على ذلك. وفي إطار الدراسة، أثبتوا في المختبر إمكانية إنتاج سلالة منافسة عالية الفعالية للسالمونيلا باستخدام الهندسة الوراثية.

ومع ذلك، يمكن القيام بذلك أيضًا دون الحاجة إلى الهندسة الوراثية إذا تم اختيار السلالات الطبيعية بمهارة ودمجها، كما أثبت الباحثون باستخدام مزيج من ثلاث سلالات طبيعية من الإشريكية القولونية.

وبالرغم من قدرتنا على القضاء على البكتيريا المسببة للأمراض باستخدام لقاح، إلا أننا نحتاج إلى كائنات دقيقة غير ضارة لملء الفراغ الناتج في النظام البيئي المعوي لتحقيق نجاح طويل الأمد، كما يوضح سلاك.

وأضاف: "الأمر أشبه بالبستنة، إذا أردت تجنب الأعشاب الضارة في منطقة من الحديقة، فعليك زراعة نباتات أخرى هناك بعد إزالتها. إذا تركت التربة فارغة، فستنمو الأعشاب الضارة مجددًا".

كما أظهرت دراسات سابقة، تحتوي بكتيريا الأمعاء لدى بعض الأشخاص بشكل طبيعي على سلالات بكتيرية تتنافس مع البكتيريا المسببة للأمراض، وبالتالي تُبقيها تحت السيطرة. وقد أثبتت التطعيمات ضد مسببات الأمراض المعوية فعاليتها لدى هؤلاء الأفراد سابقًا.

ومن خلال إعطاء السلالات المنافسة مع التطعيم كجزء من النهج الجديد، قد يكون من الممكن تحقيق الحماية الفعالة حتى في الأشخاص الذين لا يعانون من سلالات منافسة من هذا النوع.

الحد من استخدام المضادات الحيوية

من أهم مزايا هذا النهج الجديد قدرته على القضاء على البكتيريا المسببة للأمراض دون الحاجة إلى المضادات الحيوية.

كما أنه فعال ضد الجراثيم المقاومة للمضادات الحيوية، والتي أصبحت تُمثل مشكلة صحية متزايدة.

بفضل هذا النهج الجديد، يُمكن القضاء على البكتيريا المُمرضة، أو حتى المقاومة للمضادات الحيوية، في أمعاء المرضى قبل التدخلات الجراحية.

يكتسب هذا أهمية خاصة في حالات زراعة الأعضاء، على سبيل المثال، حيث يُضطر المرضى إلى تناول أدوية مثبطة للمناعة، ويؤكد الباحثون أن هذا سيمهد الطريق لتقليل استخدام المضادات الحيوية.

وقد يكون هذا النهج مفيدًا أيضًا قبل الرحلات إلى بلدان بعيدة حيث تنتشر سلالات بكتيرية لا يكون الجهاز المناعي مستعدًا لمواجهتها.

وقال سلاك: "بشكل عام، كلما نجحنا في القضاء على السلالات الضارة والمقاومة للمضادات الحيوية في السكان، كان ذلك أفضل لصحة الجميع".

قد يتمكن الناس يومًا ما من ابتلاع كبسولة تحتوي على اللقاح والبكتيريا المنافسة، على سبيل المثال، ومع ذلك، لا يزال هناك حاجة إلى مزيد من البحث قبل تطبيق هذا النهج على البشر.

في الدراسة الحالية، استخدم العلماء مسببات الأمراض النموذجية لإثبات إمكانية إزاحتها من الأمعاء، والآن، تكمن المهمة الكبرى التي تواجه الباحثين في تطبيق نتائجهم على سلالات ميكروبية ذات صلة سريرية، وكذلك على البشر.