مؤشر مناعي يكشف عن خطر الإصابة بأمراض القلب التصلبية

تشير الأدلة المتراكمة إلى أن الجهاز المناعي يلعب دورا حاسما في ظهور مرض القلب والأوعية الدموية التصلبي، وهي حالة تتراكم فيها الرواسب الدهنية، المعروفة باسم اللويحات، تدريجيا في الشرايين.
يؤدي هذا التضييق في الأوعية الدموية إلى تقييد تدفق الدم إلى القلب والأعضاء الأخرى، مما يزيد من خطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية.
عندما يبدأ بطانة الشرايين بالتضرر، ويتراكم الكوليسترول، يستجيب الجهاز المناعي.
تتجه الخلايا المتعادلة، إلى جانب الخلايا المناعية الأخرى، إلى الموقع.
على الرغم من أن هذه آلية دفاع طبيعية، إلا أن الالتهاب المرتبط بنشاط العدلات المفرط يمكن أن يؤدي إلى تسريع نمو اللويحات وتفاقم تطور المرض.
تحدث هذه العمليات الضارة غالبًا بصمت، دون ظهور أعراض ملحوظة لسنوات.
وهذا يجعل الكشف المبكر عن المرض صعبا، حيث تظل المؤشرات الحيوية الموثوقة لقياس النشاط المناعي والالتهاب نادرة نسبيا.
ومع ذلك، فإن المرشح الواعد هو الكالبروتكتين - وهو مؤشر رئيسي لتنشيط العدلات وتكوين مصائد العدلات خارج الخلية، وهي هياكل ضارة تعزز الالتهاب وتراكم اللويحات المعروفة أيضًا باسم NETs.

فائدة الكالبروتكتين
كان فريق البحث بجامعة ميشيجان الذي قاد الدراسة قد وصف سابقًا فائدة الكالبروتكتين كعلامة حيوية في الاضطرابات الالتهابية الواضحة مثل متلازمة أضداد الفوسفوليبيد وكوفيد-19، ولكن هذه هي المرة الأولى التي يُنظر فيها إليه كعلامة محتملة للسكان بشكل عام.
نظرًا للارتباط القوي بين تنشيط الخلايا المتعادلة ومرض الشريان التاجي القلبي الوعائي، قد يعمل الكالبروتكتين كإشارة تحذير مبكرة لخطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.
قام الدكتور راي زو، وإدوارد تي وإيلين كيه دراير، أستاذ أمراض الروماتيزم في بداية مسيرته المهنية وأستاذ مساعد في الطب في قسم أمراض الروماتيزم في جامعة ميشيغان، بالتحقيق في دور الكالبروتكتين في ASCVD.
وبالتعاون مع الدكتور جيمس دي ليموس وزملائه في المركز الطبي بجامعة تكساس الجنوبية الغربية، استخدم فريق زو عينات وبيانات من دراسة قلب دالاس، وهو مشروع بحثي كبير يعتمد على السكان، لاستكشاف العلاقة بين الكالبروتكتين ومرض الشريان التاجي القلبي الوعائي، بما في ذلك ما إذا كان الكالبروتكتين يمكن أن يساعد في التنبؤ بخطر الإصابة بأمراض القلب في المستقبل.
وتؤكد نتائج الدراسة أن مستويات الكالبروتكتين المرتفعة يمكن أن تتنبأ بمرض الشريان التاجي الشرياني الرئوي المستقبلي، حتى في الأشخاص الذين يبدون بصحة جيدة.
وباستخدام عينات الدم من دراسة دالاس للقلب، وهي مجموعة سكانية متنوعة حيث كان ثلثا المشاركين إما من السود أو من أصل إسباني، قام فريق زو بقياس مستويات الكالبروتكتين في 2412 فردًا.
على مدى السنوات الثماني التالية، أصيب 114 شخصًا بمرض ASCVD الجديد.
كان الأشخاص الذين لديهم مستويات أعلى من الكالبروتكتين أكثر عرضة للإصابة بأمراض القلب، حتى بعد الأخذ في الاعتبار عوامل الخطر الشائعة مثل العمر والجنس والعرق والوزن والتدخين وضغط الدم والسكري والكوليسترول ووظائف الكلى.
كان لدى الأشخاص الذين لديهم نسبة أكبر من الكالبروتكتين في دمائهم أيضًا درجات أعلى من الكالسيوم في الشرايين التاجية، وهو ما يشير إلى تراكم اللويحات المبكرة في الشرايين.
ولفهم كيفية مساهمة الكالبروتكتين في أمراض القلب، أجرى فريق زو تجارب معملية بقيادة الدكتور سوماناثابورا ك. نافين كومار، وهو زميل ما بعد الدكتوراه في مختبر زو.
وأظهر عمل الفريق أن الكالبروتكتين يؤثر سلبًا على صحة خلايا الأوعية الدموية، مما يقلل من إنتاج أكسيد النيتريك (الذي يحافظ على مرونة الشرايين) ومن المرجح أن يعزز التندب والتلف في الشرايين التاجية.
وتشير هذه النتائج، التي نشرت في مجلة JAMA Cardiology، إلى أن الكالبروتكتين قد يعمل كعلامة تحذير مبكرة لأمراض القلب، مما يساعد في تحديد الأشخاص المعرضين للخطر قبل وقت طويل من ظهور الأعراض.
يمكن أن يؤدي هذا البحث إلى تحسين استراتيجيات الكشف المبكر والوقاية، مما قد يساعد المزيد من الأشخاص على تجنب النوبات القلبية والسكتات الدماغية.
وقال زو: "تسلط هذه النتائج الضوء على الكالبروتكتين باعتباره إشارة تحذير مبكرة محتملة لأمراض القلب، قبل وقت طويل من ظهور الأعراض الأولى".
وأضاف: "نظرًا لأن الكالبروتكتين يبدو أنه يلحق الضرر بخلايا الأوعية الدموية، فإن المرء يتساءل عما إذا كان من الممكن استهدافه علاجيًا في نهاية المطاف".
من خلال فهم كيفية مساهمة تنشيط المناعة في تلف الشرايين، نأمل أن نفتح آفاقًا جديدة للكشف المبكر واستراتيجيات الوقاية الأفضل.
في المستقبل، قد يساعد قياس مستويات الكالبروتكتين في تحديد الأفراد المعرضين للخطر في وقت أبكر، مما يسمح بالتدخلات في الوقت المناسب التي قد تنقذ الأرواح في نهاية المطاف.