الاكتئاب بعد السكتة الدماغية.. هل يؤثر بشكل خطير على الصحة؟

توصلت دراسة جديدة إلى أن الأشخاص الذين يعانون من الاكتئاب بعد الإصابة بسكتة دماغية قد يواجهون خطرًا أكبر للإصابة بسوء الصحة وحتى الموت لمدة تصل إلى عقد من الزمان بعد ذلك.
أظهرت دراسة أجراها باحثون من كلية كينجز كوليدج لندن أن اكتئاب ما بعد السكتة الدماغية (PSD) قد يُخلّف آثارًا خطيرة طويلة المدى على الناجين منها، تستمر حتى عشر سنوات بعد الإصابة الأولى.
وتُؤكد هذه النتائج على ضرورة توفير دعم نفسي طويل الأمد في مرحلة إعادة التأهيل بعد السكتة الدماغية.
تفاصيل الدراسة
تتبع الباحثون أكثر من 2500 ناجٍ من السكتة الدماغية باستخدام بيانات من سجل السكتة الدماغية في جنوب لندن، وهو سجل سكاني يُجنّد مرضى السكتة الدماغية المقيمين في لامبيث وساوثوورك.
فحص الباحثون صحة المشاركين لمدة تصل إلى عشر سنوات لفهم العواقب طويلة المدى للاكتئاب على الناجين من السكتة الدماغية.
نُشرت الدراسة في مجلة لانسيت الإقليمية للصحة في أوروبا ، ووجدت أن 36% من المشاركين أظهروا علامات اكتئاب بعد ثلاثة أشهر من إصابتهم بالسكتة الدماغية، وأن الناجين المصابين باضطراب الشخصية الحدية كانوا أكثر عرضة للإصابة بإعاقة بدنية طويلة الأمد بثلاث مرات تقريبًا مقارنةً بمن لا يعانون من الاكتئاب، كما واجهوا خطر وفاة أعلى بنسبة 30% خلال العقد الذي أعقب إصابتهم بالسكتة الدماغية، وكانوا أكثر عرضة لمواجهة صعوبات في أداء المهام اليومية وانخفاض جودة حياتهم.
ارتبط استمرار الاكتئاب لمدة عام أو خمسة أعوام بعد السكتة الدماغية بارتفاع مخاطر الوفاة، وزيادة الإعاقة الجسدية، وانخفاض جودة الحياة. في المقابل، كان الناجون الذين تعافوا من اضطراب الشخصية الحدية خلال العام الأول معرضين لخطر الوفاة مماثلاً لمن لم يعانوا من الاكتئاب قط.
ارتبط التعافي خلال هذه الفترة أيضًا بانخفاض خطر الإصابة بسكتة دماغية أخرى، ونتائج وظيفية أفضل، وتحسّن جودة الحياة. مع أن توقيت ظهور الاكتئاب لم يؤثر على المخاطر الصحية طويلة المدى، إلا أن التعافي منه ارتبط بتحسن الصحة البدنية والنفسية.
قال لو ليو، الباحث الرئيسي في الدراسة: "يرتبط الاكتئاب التالي للسكتة الدماغية بارتفاع معدل الوفيات وتدهور النتائج الوظيفية، إلا أن معظم الدراسات السابقة لم تتابع المرضى إلا لأقل من عام، وقد بحثت دراستنا في التأثير طويل المدى للاكتئاب بعد السكتة الدماغية. وتُظهر هذه النتائج أهمية تشخيص الاكتئاب وعلاجه كجزء من عملية التعافي من السكتة الدماغية".
تم التعرف على الاكتئاب باستخدام استبيان، وتم أيضًا تقييم قدرة المشاركين على القيام بالأنشطة اليومية، واستقلالهم الجسدي، ونوعية حياتهم بشكل عام، سواء الجسدية أو العقلية.
يقوم سجل السكتة الدماغية في جنوب لندن بجمع البيانات منذ عام 1995، ولكن المتابعة تنتهي عادة بعد 10 سنوات، حيث يصبح تتبع المرضى بعد هذه النقطة صعبًا بشكل متزايد بسبب التدهور المعرفي أو تحديات التواصل، والتي يمكن أن تؤثر على موثوقية البيانات.
وأضاف البروفيسور يانزونج وانج، المؤلف الرئيسي المشارك في الدراسة: "غالبًا ما يأخذ الناس الاكتئاب على محمل الجد في الأشهر القليلة الأولى بعد السكتة الدماغية، ولكن بعد سنوات قد يتم التغاضي عنه، فمجرد حدوث السكتة الدماغية قبل خمس أو ست سنوات لا يعني أن الاكتئاب أقل خطورة".
وتابع: "تشير نتائجنا إلى أن الاكتئاب بعد السكتة الدماغية يظل عامل خطر رئيسيًا لفترة طويلة بعد السكتة الدماغية الأولية ويحتاج إلى اهتمام مستمر من الأطباء".
قال الدكتور ماثيو أوكونيل، المؤلف الرئيسي المشارك للدراسة: "يتميز سجل السكتة الدماغية في جنوب لندن بمتابعة فريدة للناجين من السكتة الدماغية لسنوات عديدة بعد إصابتهم بها، ومن المشجع أن بياناتنا تُظهر أن المتعافين من الاكتئاب يحققون نتائج أفضل على المدى الطويل، مما يشير إلى أن العلاج الفعال لهذه الأعراض قد يُحقق فوائد صحية أوسع نطاقًا".
حاليًا، تُركز رعاية ما بعد السكتة الدماغية بشكل أساسي على التعافي البدني، وغالبًا ما يُفحص الاكتئاب في المراحل المبكرة فقط.
ويأمل الباحثون أن تُشجع نتائجهم على إدراج دعم الصحة النفسية طويل الأمد في برامج إعادة تأهيل مرضى السكتة الدماغية.