الذكاء الاصطناعي يساعد في فهم أمراض الرئة ويقترح العلاج

ينشأ التليف الرئوي مجهول السبب (IPF) في محيط الرئة ويتقدم نحو الداخل، مما يُلحق الضرر بأنسجة أكثر فأكثر، وفي النهاية يُصعّب على الشخص التنفس.
لا يوجد علاج شافٍ للتليف الرئوي مجهول السبب، ولا يُمكن لأيٍّ من العقارين المُعتمدين علاجيًا عكس التندب، بل يُبطئانه فقط.
في دراسة جديدة نشرت في مجلة Nature Biomedical Engineering، اتخذ الباحثون خطوة مهمة نحو فهم التليف الرئوي مجهول السبب، والعديد من الأمراض المعقدة الأخرى، باستخدام خوارزمية تفسر بيانات المرض وتقترح العلاجات.
قام فريق البحث بتطوير شبكة عصبية توليدية عميقة تسمى UNAGI (إطار عمل موحد لديناميكيات الخلايا الحاسوبية وفحص الأدوية) والتي يمكنها تحديد الأنماط في البيانات الخاصة بالأمراض.
في غضون ساعات أو بضعة أيام، وحسب طبيعة الحاسوب، يستطيع برنامج UNAGI تعلم كيفية استخلاص معلومات من مئات الآلاف من الخلايا، والتمييز بين أنواعها، وتحديد الجينات المرتبطة بتطور المرض، وتحديد الشبكات التنظيمية ذات الصلة.
بعد ذلك، يجرب البرنامج أدوية مختلفة، ويختار من قائمة طويلة من المركبات المعتمدة لمعرفة ما إذا كان أي منها فعالاً ضد أي مرض قيد الدراسة.
على الرغم من أن UNAGI تم تطويره باستخدام بيانات IPF، إلا أنه يمكن تطبيقه أيضًا على الحالات الجسدية المتغيرة، مثل الشيخوخة، وأمراض أخرى، وهو ما أثبته الباحثون باستخدام بيانات COVID.
يقول المؤلف المشارك الرئيسي الدكتور نفتالي كامينسكي: "يبحث النموذج عن التنظيم - ما يميز التغييرات وينظمها - ثم باستخدام قواعد بيانات الأدوية المعروفة، يقترح أيضًا علاجات".
وأُجري البحث بالتعاون مع علماء من جامعة ماكجيل في كندا، وجامعة لوفين الكاثوليكية في بلجيكا، والعديد من المؤسسات الأخرى.

دور الذكاء الاصطناعي
في التليف الرئوي مجهول السبب، يتفاوت توزيع المرض، حيث تصبح بعض المناطق أكثر تضررًا من غيرها.
قبل عدة سنوات، طور كامينسكي وزملاؤه في جامعة لوفين الكاثوليكية طريقةً لتتبع تطور التليف الرئوي مجهول السبب، لا تتطلب متابعة متكررة مع نفس المرضى - وهو ما قد يُشكل تحديًا للباحثين - من خلال تصنيف تطور المرض ضمن عينة واحدة.
جمع فريق جامعة لوفين الكاثوليكية رئاتٍ مريضة أثناء عمليات زرعها، وقطعها إلى شرائح، واختار قطعًا صغيرة لتمثيل مراحل مختلفة من المرض.
صنّف فريق جامعة ييل أنماط التعبير الجيني في الخلايا الفردية من هذه العينات، مما أسفر عن أطلس التليف الرئوي أحادي الخلية.
يقول كامينسكي: "لقد حققنا بعض الاكتشافات المهمة، بما في ذلك أنواع ومجموعات خلوية جديدة".
يتطلب نموذج UNAGI أيضًا إشرافًا محدودًا من الباحثين، حيث يتعلم تلقائيًا من خلال عملية تحسين تكرارية مدمجة.
في المقابل، يجب إعادة تدريب النماذج الأخرى يدويًا لتفسير مجموعات البيانات الجديدة أو اختبار أدوية مختلفة، وهو أمر قد يكون مكلفًا ويستغرق وقتًا طويلاً.
يتجاوز نموذج UNAGI هذه الحاجة من خلال دمج معلومات جديدة على طول الطريق، والتعمق أكثر فأكثر في البيانات حتى يتمكن من تحديد الخلايا والجينات والمسارات التي تُسهم في تطور المرض بثقة.
بعد ذلك، وبالاستناد إلى قاعدة بيانات تضم آلاف الأدوية ذات آليات العمل المعروفة، يمكن لـ UNAGI اختبار آلاف المركبات واستخلاص قائمة مختصرة من العلاجات المحتملة.
عندما طبّق الباحثون الدواء على شرائح من أنسجة الرئة البشرية المُصممة لمحاكاة التليف الرئوي مجهول السبب، منع الدواء تكوّن النسيج الندبي، كما توقعت UNAGI، حتى لو لم يُثبت نيفيديبين فعاليته في علاج التليف الرئوي.
يقول كامينسكي: "إن UNAGI يُحقق أهدافًا لم نكن لنفكر فيها من قبل".
ويضيف أن دمج تقنيات مثل تسلسل الخلية الواحدة مع الذكاء الاصطناعي سيشكل مستقبل هذا المجال.